المواقع الإلكترونية البحرينية .. مأساة
في تقرير اصدرته لجنة حماية الصحفيين عن الدول الأشد قمعاً لمستخدمي الإنترنت والاسوء في العالم للمدونين، تصدرت بورما القائمة بإحتلالها المركز الاول تلتها ايران، سوريا، كوبا، المملكة العربية السعودية، فيتنام، تونس، الصين، تركمانستان وجاءت مصر في المرتبة العاشرة والاخيرة
ومع ارتفاع وتزايد عدد المواقع الالكترونية التي تم حجبها في البحرين أتوقع ان نحل قريبا جدا في مراكز متقدمة في هذه القائمة، فحسب ما ذكره أحد الخبراء اثناء زيارته للبحرين مؤخرا ان البحرين اصبحت واحدة من ١٤ دولة ممن تغلق المواقع الالكترونية لاسباب سياسية وطبقاً للمنهجية والاسئلة التي وضعتها لجنة حماية الصحفيين لتقييم أوضاع التدوين في جميع انحاء العالم فأننا قاب قوسين او ادنى من دخول القائمة
تقول الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة والاعلام في حوار اجرته معها وكالة انباء الخليج ان المواقع الالكترونية مأساة وان بعض ماتنشره هذه المواقع يحتوى على كم كبير من التحريض الطائفي، والتخوين والتهديد، والتعريض بالأشخاص في أنسابهم وشرفهم، وهدر خصوصية الأفراد، وحتى التنادي لقتلهم أحياناً! وان خطوة الحجب جاءت كإجراء، وتدبير واحد من التدابير، ضمن مبادرات ومشاريع لمعالجة هذا التدني واللامسؤولية في تجريح الآخرين، وانها تأمل من منظمات المجتمع المدني أن تساعدها في بقية التدابير والبدائل للحد من هذه الظواهر أو تخفيفها، وبأن هناك مراجعة منتظمة حتى للمواقع المحجوبة من أجل فتحها حال التوافق على موقف مشترك من التحريض
والسؤال هو: هل حجب هذه المواقع سيقضي على الطائفية؟ هل سيوقف التخوين او التهديد او هدر خصوصية الافراد؟ هل سيقّوم سلوكيات مجتمع بأكمله؟ هل نحن البلد الوحيد الذي يعاني من وجود هذه الفئات وهذه المواقع؟ هل أثبت الحجب حتى الآن فاعليته وهل توقف زوار هذه المواقع والمنتديات عن زيارتها او المشاركة فيها؟ هل استطاع أحد وقف وسائل تجاوز الحجب؟
ماهي التدابير الاخرى التي علينا ان نتوقعها؟ حجب بريدنا الالكتروني؟ واي حساب ستوقفه الوزارة؟ جوجل أو ياهو او الهوت ميل او .. او ..؟ هل ستحقق الوزارة هدفها في لجم وكبت الاصوات التي تريد كبتها؟ من الذي سيتأثر او سيتضرر في النهاية من هذه القرارات؟ اشك انهم الطائفيين واصحاب التخوين والفتن والمؤامرات، فالخسارة الاساسية والاولي ستلحق بالبحرين واقتصادها، حجب موقع الكتروني لأي مؤسسة حتى وان كان بطريق الخطأ كما حدث مع احد البنوك قبل عدة ايام قد يكلف الكثير والمسئولية تقع اولا وأخيرا على عاتق شركات الاتصال التي ابرمت عقودا بشروط مع هذه المؤسسات
ثم ان افعال الوزارة تناقض اقوالها فموقع ” بس بحريني” والذي كان الهدف من انشائه مناهضة الطائفية من خلال اطلاق حملة “لاشيعي ولاسني .. بس بحريني” تم حجبه من قبل الوزارة!! تلى ذلك حجب مجمع المدونات البحرينية ايضا دون وجود سبب واضح يبرر هذا الحجب في حين لازالت هناك الكثير من المواقع والمنتديات منها على سبيل المثال لاالحصر منتدى مملكة البحرين الذي تحدث وكتب عن تجاوزاته الكثيرون والذي يبلغ عدد زواره اضعاف عدد زوار مدوناتنا البائسة ومع ذلك لم يقترب منه مقص الرقيب ولازال يتغاضي عن طائفيته التي لا تخطأها العين
المأساة ياسعادة الوزيرة في اتباع سياسة الكيل بمكيالين، في التضييق على الناس حتى في التعبير عن مشاعرهم ومصائبهم .. “فالمآسى” التي يدونها البحرينييون ليست وليدة فراغ انما هي تفريغ واسقاط للاحتقانات النفسية التي يعانون منها على ارض الواقع وهذا بعض ما ستجدينه في مدوناتهم .. ام لازالت تعاني صدمة فقدان ابنتها الشابة في احد الحوادث المرورية التي اصبحت تحصدالعشرات من الشباب سنوياً.. امرأة تعرضت بناتها للاغتصاب على يد والدهم ولم تجد من يعينها في مصيبتها او ينصفها في اروقة المحاكم البحرينية .. عائلات لاتستطيع ان تخلد للنوم او الراحة بسبب رائحة الغازات المسيلة للدموع وصوت مرواح طائرات الهيلوكبتر الذي تحلق فوق بيوتهم ليل نهار .. فوضى القوانين .. غلاء المعيشة وقلة الرزق .. الامراض التي تأتينا من كل حدب وصوب .. كيف يمكن ان نكون “غير مأساويين” إذا كان الواقع “مأسآويا” بكل معنى الكلمة؟
قد نكون كما ذكرتِ بحاجة لاساتذة الجامعة والاعلاميين والاختصاصين ليساعدونا في التوصل لحلول ملائمة للطائفية والتحريض ولكن الاكيد اننا بحاجة لاطباء نفسيين يعالجوننا من كآبة السيناريو البحريني .. من تقلص مساحات البحر والبر ومعهما الفرح من على ارضنا .. من اعمارنا المهدورة وتسرب أجمل ايام حياتنا من بين ايدينا