Parallel Lives

Posted on September 1, 2017 by Suad

قد تمارس المدن الكبيرة والمزدحمة نوع من الضغط على اعصابنا ولكن الوجوم الذي يتخذ هيئة الدفء يمكن أن يصيبنا بحالة حنين مؤقتة لكل الاشياء التي نمقتها عادة

لايمكن ان تكون جميع الاشياء التي تحدث في حياتنا وليدة صدفة، هكذا تراءى لها وهي تقلب في رأسها احداث الاسبوع الماضي. كيف يمكن ان تجتمع تفاصيل كثيرة لتنسج قصة غير اعتيادية؟ كيف تعثر على مايشبه قصتك في عالم افتراضي؟ كيف تتفق هذه الكلمات .. هذه التفاصيل .. وهذا الشعور بإنك كنت تسافر عبر آلة زمنية.

البدايات البريئة .. الاحاديث الطويلة المتشعبة في كل أتجاه دون ترتيب منطقي .. المرحة أحيانا والمتكلفة في أحيان أخرى .. دفء المدينة الذي تحول فجأة إلى برود جامد .. الطرقات التي فقدت فتنتها .. الكنبة التي خبأت في جنباتها بعض اسرار حياتهما الصغيرة .. البدايات مهما بدت ساذجة وبسيطة ليست عفوية بشكل مطلق .. أغلبنا يبحث عن الاحتواء .. عن اعتراف بوجوده .. عن انتصارات صغيرة يسجلها لصالحه .. عن صورة لشئ أو شخص تعاظمت قيمته بعد أن أختفى من حياته .. أغلبنا علي الارجح يفضل المقاربات التي يجد فيها ضالته لا تلك التي تضعه في كفة المنافسة مع شخص آخر .. وحينما يطول الحديث تطول معها قائمة الملاحظات التي لاتغفل أي هفوة مهما بدت سخيفة

هي تهوى الفلسفة واللاهوت والخيال العلمي ولكنها لاتحب الإبحار كثيراً في تفاصيل النظريات العلمية والفيزيائية .. تلك ليست منطقة تدخل في حيز اهتماماتها أو تنسجم مع رغبتها في الابقاء على غموض وسحر قد تفسده لغة الارقام والمعادلات. يستهويها الاستماع لحكايات وجوه لاتعرفها والتحديق طويلاً في تفاصيل قد لايكترث لوجودها أحد. زهرة الهندباء البرية التائهة وسط العشب ربما ستنعم برفقة أفضل حينما تستقر بين دفتي كتاب .. انتشالها من الوحدة يُعتبر نوع من القتل الرحيم وهي التي لم تؤمن يوماً بإن انهاء أي حياة فيه أي نوع من الرحمة

في عالم مواز آخر كانت تراقب انصهار شمعة انعكس وهجها على كأس ماء فاستأثر المشهد على اهتمامها .. مجسمات الخنازير الظريفة التي رُصت بعناية على الرف الخشبي .. النافذة التي تطل على الاشجار في الباحة المقابلة ورسالة نصية مازحة ربما خففت قليلاً من وطأة توتر كانت تشعر به طوال الوقت

في كل مرة نتخذ فيها قرار أو خيار ما، ومع كل حدث قد يقع في حياتنا بطرق مختلفة يتفرع الكون في أكثر من أتجاه .. تنقسم أرواحنا إلي نسختين مختلفتين تعيش كل واحدة منها بمعزل عن الأخرى في عالم مختلف عن الآخر .. وهكذا تُخلق أكواننا المتعددة

لاأحد يعرف ماذا ينتظره في عالم مواز آخر ولا كيف سيتحول الوقت فجأة من ساعات مليئة بالشغف والقصص إلى أيام تعيش فيها في مدينة لايعرفك فيها أحد. ربما لو قُدر لها أن تختار بين ان تعيش بين عالمين أو أن تعيش في عالم واحد لإختارت أن تلتقى بذلك الغريب رغم المسافات الطويلة التي تفصل بين عالميهما

لاأحد يعرف حجم الهوة التي يمكن أن تفصل بين عالمي العقل والقلب كما يعرفها موسيقي لامع عاش عشرون عاماً في نفس المنزل مع والده الفيزيائي الذي كان خلالها يعيش في عزلة تامة وكأنه في عالم مواز آخر. اما هي فقد أصبحت تعرف الآن كيف يمكن ان تجد نفسها في عالمين متوازيين مختلفين أحدهما يشبهها والآخر كالاحجية لن تعرف ابداً سبب وجودها فيه أو حتى ان كانت هناك بالفعل في يوماً ما

لندن – ٣٠ أغسطس ٢٠١٧ 

تكملة حلقات الفيلم الوثائقي موجودة على اليوتيوب

Share

Leave a Reply

Name

Email

Website

*