للتمييز وجوه أخرى
في الاجتماع الذي نظمه (هارباس) في تونس لإعداد دليل تدريبي لتعزيز حقوق النساء في مواجهة الايدز/السيدا، دار حوار بين المشاركين حول التمييز ضد المرأة ثم تحول النقاش لنقطة أخرى هي التمييز ضد المرأة الغير متزوجة وقد شاركت برأيي الشخصي حول التمييز القانوني والمؤسسي الذي تمارسه معظم الدول العربية ضد المرأة الغير متزوجة
في البحرين على سبيل المثال، ليس من حق المرأة الغير متزوجة المطالبة بوحدة سكنية حتى وان كانت تعاني من العوز او كانت وحيدة ابويها أو بلغت من العمر أرذله ولم يكن لديها مسكن يأويها. كما لايحق لها الحصول على رخصة عمل خادمة أو مربية حتى وان كانت تعول امها المسنة وأخوان قصّر وبغض النظر عن حجم المنزل الذي تقطن فيه، في حين بإمكان اي امرأة متزوجة لم تنجب بعد وتسكن في شقة صغيرة ان تحصل علي ماتشاء من الخدم. المرأة الغير متزوجة حينما تتوفى لايحصل اي من والديها سوى على خُمس راتبها التقاعدي. وهذا يجرنا للحديث حول موضوع آخر هو التمييز ضد المسنين فالمجتمع العربي يتعامل معهم على انهم عبأ، بشر انتهت فترة صلاحيتهم وعليهم ان يتدبروا امورهم ويعيشوا كيفما اتفق والا فما هو تفسير هذه القوانين المجحفة التي ترمي للمسنين الفتات رغم كونهم ورثة شرعيون لما تركه لهم ابناءهم من كدهم ورغم تفاقم وضعهم المعيشي؟ وهل تُصنف قوانين كهذه علي انها نوع من انواع التكافل الاجتماعي؟
وفي الوقت الذي تساوي فيه الدول الاوروبية بين الرجل والمرأة في سن التقاعد الذي يتراوح بين الـ ٦٥ و٦٨ عاماً فإن سن التقاعد في الدول العربية لايراوح الستين عاماً بالنسبة للرجل والخمسة وخمسين بالنسبة للمرأة. المتقاعدون من الجنسين في الدول العربية لايحصلون سوى على جزء ضئيل من راتبهم عند التقاعد حتى وان افنى الواحد منهم عمره في العمل. قوانين الاتحاد الاوروبية رغم تحديدها لسن التقاعد تمنح الحق لأي مسن في رفض إحالته للتقاعد اذا كان راغباً في مواصلة العمل بصرف النظر عن سنه اما عندنا فهو غير مؤهل للعمل حتى وان كان يتمتع بصحة جيدة
دراسات كثيرة اثبتت وجود ارتباط بين تأخير التقاعد وتأخر ظهور اعراض الزهايمر. دوريس ليسنغ الحائزة على جائزة نوبل للآداب لعام ٢٠٠٧ لازالت تكتب رواياتها رغم بلوغها التسعين وقد صرحت في احد لقاءاتها بأنها حافظت على ذاكرتها بفضل مواصلتها على التأمل والتفكير والكتابة طوال السنوات الماضية فلماذا يُنظر للمسن في عالمنا العربي على انه انسان عاجز على حافة الموت؟
وبعيداً عن التمييز ضد النساء والمسنين فان التمييز قد يطال الرجال ايضاً ولعل القوانين التي تحظر دخول الرجال (الذين لايصطحبون امرأة من العائلة) للعديد من الاماكن العامة في المملكة العربية السعودية احد هذه الامثلة التي تحاكم الرجال وتقاصصهم حتى قبل ان يأتوا بما يستحق هذا القصاص
في الولايات المتحدة الامريكية حيث يشكل عدد الغير متزوجين أكثر من ٤٠٪ من أجمالي عدد السكان، انشأت شيري لانغفرت موقعاً الكترونياً للقضاء على التمّييز ضد هذه الشريحة في مجال الخدمات العامة والسياحة وغيرها من المرافق. وصور التمييز ضد الغير متزوجين التي تتعرض لها شيري في موقعها موجودة في كلا المجتمعين الشرقي والغربي، فالاعزب غير مرحب به في المطاعم المزدحمة وذلك لأن معظم المطاعم تخصص مقعدين لكل طاولة كحد ادنى للتوفير في المساحة، والتسجيل في النوادي الصحية يمنح الزوجين سعر افضل عن ما يمنحه للعضوية الفردية، ينطبق ذلك ايضاً على الفنادق التي تساوي في السعر بين الغرفة ذات السرير الواحد والسريرين. كما يقدم الموقع بعض النصائح والاستشارات الخاصة بالمنزل والصحة والسفر والترفيه متحدياً المفاهيم الدارجة التي تحصر الاعزب في مواقع المواعدة وايجاد الشريك المناسب كسبيل لتحقيق السعادة
يرتبط التمييز عادة بالاقليات وبالفئات المهمشة في المجتمع ولكن يبدو ان العالم سيشهد موجة اهتمام مختلفة بفئات جديدة يمارس ضدها التمييز