Why men love bitches?
أتصلت بي صديقتي قبل اسابيع لتخبرني عن نبأ انفصال قريبها عن زوجته بعد زواج دام أكثر من خمسة وعشرين عاما ليتزوج من أخرى، كانت صديقتي مندهشة والدهشة لم يكن مبعثها خبر الانفصال في حد ذاته ولكن في وضع امرأتين من عالمين مختلفين في نفس الكفة وكانت تتساءل كيف يمكن لمن احب الاولى ان يحب الثانية فالفرق شاسع بين الاثنتين فالزوجة الاولى – والكلام لصديقتي – امرأة جميلة، متعلمة ومثقفة وام صالحة تخلت عن طموحها وأفنت حياتها في تربية ابناءها الذين يتبوأون اليوم مراكز اجتماعية هامة على الرغم من صغر سنهم، اما الاخرى فعلى حد تعبيرها امرأة ساقطة وانتهازية لاتتمتع بأي مزايا تُذكر. قلت لها ربما كانت جميلة فقالت جمالها متوسط وليس ذلك النوع من الجمال الذي يدير رؤوس الرجال
بعد ايام وبينما كنت اتنقل بين المدونات أستوقفتني تدوينة لسلفر عن سيناريوهات العلاقات العاطفية ثم تدوينة أخرى لغيداء (مجرد كلام) عن دور المرأة في رسم واقع حزين ان لم يكن مهين لامرأة أخرى مثلها يمكن ان تكون صديقتها او حتى ابنتها، ولاأعرف لماذا شعرت حينها برابط بين كل هذه القصص وبين بعض الافكار التي تدور في رأسي كلما تناهت الى سمعى قصة جديدة او قرأت كتاب عن الاختلافات بين الرجل والمرأة .. “الرجال من المريخ والنساء من فينوس” .. “الجنس والمدينة” .. “زوجات يائسات” .. “انه ليس واقع في حبك إلى هذا الحد” .. الآف الكتب والمسلسلات والافلام لتنظير العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة، بعضها واقعي وبعضها قصص هوليوودية عن رجال ونساء يعيشون في كوكب آخر الا ان العامل المشترك بينها جميعا امرأة تقُدم على صهر نفسها وشخصيتها في شخصية الطرف الآخر إلى الحد الذي يلغي وجودها ان لم ينهيه . في المجتمعات العربية على وجه الخصوص يتم الترويج لمثل هذا التهميش تحت مسميات مختلفة تارة بإسم التضحية وتارة بإسم الامومة وتارة بإسم الدين، ودروس التضحية والايثار هذه تقترن فقط بأسم المرأة اما الرجل فهو معفي منها بإسم الرجولة والقوامة
المجتمع نفسه الذي يتوقع بل يطلب من المرأة ان تنكر ذاتها وتوقد اصابعها العشرة شموعا للرجل هو نفسه من يلقي باللائمة عليها حينما يهجرها زوجها لأجل امرأة أخرى اكثر اعتدادا بنفسها وشخصيتها، امرأة ترفض ان تعيش لتكون ظل لرجل لايحترمها ولايبادلها العطاء
قبل عامين نصحني احد الزملاء المدونين بقراءة كتاب لروبرت غرين اسمه “اسرار القوة”، واسرار القوة حسب وجهة نظر المؤلف تكمن في ثمانية واربعين قاعدة للامساك بزمام القوة والسيطرة على الخصم الا ان المبدأ الذي تستند عليه هذه القواعد هو ان “الغاية تبرر الوسيلة” ويستشهد المؤلف بالعديد من القصص التاريخية للتدليل على اراءه التي تقوم على الانتهازية والتملق واستغلال نقاط الضعف لدى الطرف الآخر وهو نهج الكثير من السياسيين والزعماء في هذا العصر ونهج بعض العامة من الناس ممن نلتقي بهم في حياتنا اليومية. ويبدو ان المبيعات الخيالية التي حققها الكتاب قد ألهمت روبرت غرين – المتمكن والمطلع جدا على اسرار النفس الانسانية – بتأليف كتاب آخر هو “فن الاغواء” . في هذا الكتاب يستعرض روبرت عشر نماذج لفن الاغواء للتغرير بالضحايا من خلال اربعة وعشرين قاعدة ذهبية، والاغواء لا يقتصر على الاغراء الجسدي ولايرتبط بجنس معين وهناك العديد من المقولات الشهيرة لفلاسفة وكتّاب وعلماء حول الموضوع ولكن في النهاية فأن الكتاب يرشدك الى كيفية استغلال الاخرين من خلال فن الاغواء للحصول على ماتريد او حماية نفسك من التعرض للاستغلال والوقوع في فخ الاغواء الذي قد يسلب منك كل شئ بما في ذلك حياتك
لاأعرف بشكل تام وواضح ماالذي جعلني اربط بين الموضوع السابق وبين موضوع الكتابين ولكن في رأيي ان هناك نماذج من الرجال والنساء ممن يملكون اسرار ومفاتيح التحكم في الجنس الآخر بشكل فطري او ربما وراثي ولايحتاجون لقراءة كتب روبرت غرين لممارسة اغوائهم والايقاع بأي فريسة مهما كانت صامدة وقوية
لماذا يعشق الرجال العاهرات؟ لماذا يتزوج الرجال من العاهرات؟
سمعت هذه الاسئلة أكثر من مرة في اكثر من جلسة نميمة نسائية وكان الحوار يدور دائما حول رجل “محترم” ومن عائلة “محترمة” آحب او اقترن بامرأة سيئة السمعة ولكن هاذين السؤالين هذه المرة هما عنوانا كتابين لشيري أرغوف حققا مبيعات خيالية منذ طرحهما في الاسواق حتى يومنا هذا، فحينما سألت عن الكتابين في فيرجن ميجاستور قال لي البائع انهم طرحوا اربعين نسخة من كل كتاب الا انها نفذت خلال يومين وان اغلب من اقتنوا الكتابين كانوا من النساء. في مكتبة أخرى حرص البائع على اعطائي محاضرة عن التقاليد العربية والاسلامية حينما سألته عنهما وحاول ثنيي عن الشراء بحجة ان هذه الكتب تصلح للمجتمعات الغربية وان مضمونها لايتناسب مع قيمنا وعاداتنا الاسلامية. ولولا انني كنت علي عجلة من امري ولست مستعدة لجدال لن ينتهي لسألت البائع كيف يمكن ان تكون الخيانة والزنا مناسبة لمجتمعاتنا العربية والاسلامية ويكون قراءة كتاب عن العلاقة بين الرجل والمرأة غير مناسب لقيمنا وتقاليدنا الاسلامية
بالعودة لموضوع الكتابين فأن شيري توضح في مقدمة كتابها “لماذا يعشق الرجال العاهرات؟” ان العاهرة ليست حسب ماهو متعارف عليه “بائعة الهوى” او المرأة المؤذية في محيط العمل التي يكرهها الجميع. المرأة العاهرة حسب توصيف شيري لها هي تلك المرأة الذكية التي تتمتع بكافة مقومات الجاذبية والانوثة التي يسعى اليها اي رجل ولكنها في الوقت نفسه امرأة مستقلة تقدر نفسها وتحسن التعامل مع الرجل بحيث لاتتخلى عن حياتها الاجتماعية او تقبل الانصهار التام في شخصية اي رجل حتى لو كان هذا الرجل زوجها
وربما تفسر نظرية شيري عن المرأة العاهرة اسباب تخلى بعض الرجال عن زوجاتهن “الطيبات القلب” و”المعطاءات” لحد التضحية بأبسط متطلباتهن الحياتية لنيل رضا الزوج الذي يتنازل عنهن في النهاية لاجل امرأة لأخرى لاتقدم له ربع ماقدمته له زوجته من تضحيات
الكاتبة التي اجرت مئات اللقاءات مع الرجال والنساء قبل ان تطرح الاستنتاج الذي وصلت اليه وهو ان الرجال لايميلون للمرأة المتطلبة عاطفيا التي تتخلى عن حياتها وطموحها وجاذبيتها لاجلهم تقول ان٩٠٪ من الرجال الذين قابلتهم قد اجمعوا على ان عنوان كتابها ينطبق بالفعل عليهم وذلك في اول ثلاثين ثانية من حوارها معهم بل ان بعض الرجال ضحكوا وشعروا بشئ من الحرج لان افضل اسرارهم التي كانوا يحرصون على الاحتفاظ بها قد كُشفت للتو. كما اتفقت العينة التي قابلتها علي ان الرجال يحتاجون “للتحدي الذهني” لمطاردة امرأة ما وكسب ودها، والتحدي الذهني يبدو مصطلحا دارجا لدى الرجال أكثر منه لدي النساء اللاتي ربطن بينه وبين الذكاء أكثر مما ربطن بينه وبين مفهوم الحاجة والاتكالية
وتنتقد شيرى”المرأة الطيبة القلب” التي تسترسل كثيرا في طيبتها وعطائها لحد قد تصبح معه اشبه “بممسحة الارجل” وتقارن بينها وبين المرأة “العاهرة” التي لاتوقف خططها ولاتنظر للساعة او لهاتفها النقال كل خمس دقائق للتأكد من انها لم تفقد اتصال منه ولاتؤجل مواعيدها الهامة الخاصة بالعمل او زياراتها لاصدقاءها للحاق بموعد حدده لها حبيبها او زوجها في آخر لحظة. المرأة العاهرة تستمر في روتينها الحياتي المعتاد ولاتجعل الرجل حتى وان كان زوجها هو المحور الرئيسي لحياتها فتتخلى عن كل المحاور الاخرى لاجل شخص واحد وعاطفة واحدة حينما تنهار ينهار معها كل شئ آخر
الكتاب رغم لهجته الساخرة وتشبيهات المؤلفة المضحكة الا انه يستعرض سيناريوهات واقعية جدا للعلاقة بين الرجل والمرأة وربما اهم نصيحة يقدمها ان الحب لايعني ان تفقد المرأة احترامها لنفسها او تتخلى عن كيانها لتنصهر في كيان آخر لان ذلك في النهاية يفقدها احترام الآخرين لها وأولهم حبيبها وزوجها