مرارة قهوة أم مرارة وطن؟
منذ فترة وانا اقصد المقهى ذاته .. زاوية صغيرة منزوية بهدوئها .. وبين القهوة وكمبيوترى المحمول تمضي الساعات دون ان اشعر بها .. بين حين وآخر أرفع عيناي لأتصفح جريدة أو وجوه الجالسين من حولي وأفكر .. ترى ما الذي يشغلهم؟ أي حديث يمكن ان يجلبه طعم القهوة المر؟
وهذه القهوة .. كم استوردنا معها من هموم هذا الوطن؟ لسنا سوى شعب يهوى الاستيراد .. استيراد من يخدمنا .. من ينقب لنا عن ثرواتنا .. من يدافع عنا .. من يضرب بعضنا البعض وحينما تعبنا أستوردنا من نستطيع اذلاله ومن أستطاع إذلالنا.
نحن شعب .. الاستهلاك مبلغ همه .. واللحوم الناقصة من الاسواق أقصى أهتماماته .. شعب يتفنن في ابتداع الطرق لانتهاك القانون وأختراقه .. شعب مسير غير مخيّر في معظم شئون حياته .. شعب مشغول بمن يستطيع ان يسرق خيرات هذا الوطن أكثر ومن يتمكن من أقتناص الفرص أسرع .. شعب منهمك بالقروض والمكرمات والزيادات .. شعب مفتون بالثرثرة والاشاعات .. شعب منكوب بالفساد .. بالتراخي .. بالجشع.
للحظة شعرت أنني أستشعر مرارة كل هذه الاشياء في فمي كمرارة القهوة التي ارتشفها .. للحظة تمنيت أن أقتلع جذوري وأن أخلع عني جلدي وأن أكون أي شئ الا أنا وان أكون في أي مكان … الا في هذا الوطن.