السيرك
كلما طالعت عناوين الصحف الصباحية كلما شعرت بالرثاء والشفقة نحو شعوبنا الخليجية .. العربية والإسلامية، فنحن كعرب ومسلمين في وضع لا نحسد عليه بعد أن تنازلنا عن مواطن قوتنا من النفط إلى رؤوس الأموال إلى موقعنا الاستراتيجي، الجغرافي والسياسي إلي العقول والنوابغ العربية إلى مذاهبنا التي أصبحت منشأ خلافنا فضلا عن تجاوزنا نقط الالتقاء والمصالح المشتركة. وان كان هناك من شئ نحسد عليه الآن فهو تحلينا بالصبر ورباطة الجأش التي لازالت صامدة تواجه في صمت كل هذه المآسي والتهديدات بشئ من التجاهل واللامبالاة.
لا أريد ان افسد عليكم يوم أجازتكم الأسبوعي ولكن بوادر وقائع وأحداث غير مبشرة للأيام المقبلة بدأت تلقي بظلالها منذ الآن.
محليا أجد الوضع العام يشبه حالة السيرك .. الاعيب ساحر مخادع .. عروض بهلوانية وعرائس خشبية تحركها خيوط تمسك بها أيد خفية خلف الكواليس وبين هؤلاء وهؤلاء يقف مهرج وحيد يرسم الابتسامة على وجهه رغم ما يشعر به من أسى ومرارة.
أما خليجيا فالوضع ليس أفضل بكثير، فالمصلحة الفردية اليوم تقتضي أن تبحث كل دولة خليجية عن سياستها الخاصة التي تناسب تطلعاتها لا تطلعات مجلس التعاون ككل، لذلك لم يعد مهما أن تقوض اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية الاتحاد الاقتصادي لدول مجلس التعاون ولم يعد مهما أن تنهار شركة خليجية كطيران الخليج بعد خمسين عاما من عمليات النهب والسلب ولم يعد مهما أن تقوم دولة خليجية بالانفصال بسياستها الخارجية عن المجلس والتطبيع مع إسرائيل ولا بشراء حصة قدرها 17.4% بقيمة أجمالية بلغت 1.35 مليار إسترليني في سلسلة متاجر بريطانية شهيرة. لم يعد مهما أن تنهار وحدة خليجية بأكملها لأنها للأسف لم تكن موجودة في الأصل.
وبين المآسي المحلية والخليجية يطل علينا نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ليطمئن الخليج ويحذر إيران بعد أن تم حشد القوات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في الخليج.
أطمئن فعلا يا خليج فأنت في مأمن طالما أن الحرب في العراق أو لبنان أو فلسطين أو أفغانستان أوايران أو سوريا، طالما لم تزحف اليك بعد .. طالما هناك نفط وأموال وقواعد عسكرية أمريكية فأطمئن!