إعتصامات .. إعتصامات.
يكاد لا يمر يوم في البحرين دون ان نشهد فيه تظاهرة أو اعتصام لدرجة اننا لم نعد نستطيع حصر هذه الاعتصامات واسبابها. وبسبب خروج هذه الاعتصامات عن نطاق السيطرة وانتهائها بمواجهات عنيفة بل دامية أحيانا مع قوات الشغب لم يعد الكثيرون متحمسون للمشاركة فيها.
التظاهرات والاعتصامات عندنا للأسف تفتقر الى النظام والتركيز وتؤدى الى تعطيل مصالح الناس بسبب تنظيمها في شوارع رئيسية تؤدى الى مرافق مهمة. والمحصلة ان قوات الشرطة تقوم باغلاق هذه الشوارع بينما نظل نلف نحن ممن لا ناقة لنا ولا جمل فيما يحصل بالدوران في متاهات مغلقة طوال اليوم حتى تنتهي هذه الاعتصامات وتدب الحياة مرة أخرى في شوارعنا التي لم يكفها الاعطال الناتجة عن أعمال الطرق والاصلاحات الشبه يومية لتنال منها الاعتصامات من جانب آخر.
موضوعان عن الاعتصامات طالعتنا بهما صحيفة الجلف ديلي نيوز اليوم، الأول عن اعتصام أمام السفارة الايرانية في البحرين احتجاجا على التصريحات الاخيرة التي ادلى بها حسين شريعتمداري ممثل المرشد الايراني في صحيفة كيهان الايرانية، والثاني عن تنظيم جمعية شباب البحرين لحقوق الأنسان لدورات تدريبية توعوية للشباب في القرى عن طرق الاعتصام السلمي وتجنب المواجهات مع قوات الشرطة والشغب.
مبادرة تستحق الاشادة فمثل هذه الحملات ستساهم في التوعية بالطرق السلمية لتنظيم الاعتصامات التي تكفل حرية الرأي وتحمى حق المتظاهرين ولا تتسبب في الوقت ذاته في اعاقة قضاء الناس لمصالحهم. الأهم من هذا وذاك ان يعي هؤلاء ان الهدف من وراء الاعتصامات والمسيرات ليس التضحية بأرواح الشباب وتقديمها قرابين للتعبير عن الرفض والاستنكار وان التخريب والتعدي على أملاك الغير لا يندرج ضمن أعمال البطولة أو مبادئ الديموقراطية التي نسئ فهمها واستخدامها.
بالنسبة للخبر الثاني وهو الاعتصام الذي قام به أهالي البحرين امام السفارة الايرانية فكان يمكن له ان يكون مثالا حيا للاعتصامات التي نتطلع لها بمشاركة الطوائف والمسارات المذهبية والسياسية المختلفة والتي توحد صف الشعب وتجعله يد واحدة امام اي قوة او تهديد خارجي يريد النيل من وطنيتنا ووحدتنا لولا ما شاب هذه التظاهرة من شعارات عاطفية تنادي بإغلاق السفارة الايرانية و بأسم ايران كدولة صفوية وعدوانية وما الى ذلك من هتافات لن تحقق شيئا سوى تصعيد حدة الخلاف بين دولتين مسلمتين.
هناك مواقف تنجح معها الاعتصامات وهناك مواقف أخرى تتطلب اساليب اكثر حنكة للتعبير عن الغضب والاستياء للوصول الى النتيجة المرجوة، فهل استنفذنا جميع الحلول حتى تصبح الاعتصامات هي زادنا اليومي والحل الوحيد والأمثل لجميع قضايانا ومشاكلنا؟
هل سيأتي اليوم الذي سنرفع فيه شعار (اعتصام لكل مواطن)؟
حملت لنا جريدة الايام الصادرة اليوم صفحة 4 خبر سار وقد كان متوقع على العموم اذ يبدو ان السياسة الجديدة التي تتبعها الحكومة هي التمهيد للاستقطاعات بالبدء بنسبة قليلة ثم رفعها شيئا فشيئا حتي يتمكن المواطن من هضمها تدريجيا.
فمديرالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية يعلن بأن نسبة الاستقطاع من رواتب العاملين البحرينيين ستزيد بعد عامين من الآن 1٪ آخر غير الذي يقتطع الآن للتأمين ضد التعطل، ليصبح إجمالي ما ستقتطعه التأمينات في 2009 من رواتب الموظفين8٪ مضيفا ان النسبة ستكون في هذه الحدود.
أنتبهوا اعزائي الموظفين البحرينيين فالنسبة ستكون في هذه الحدود ولكن ليس هناك ضمانات او وعود من الهيئة بأن هذه النسبة لن تزيد تدريجيا بعد عدة أعوام أخرى كما انه قد حدد بان الاستقطاع سيكون من رواتب العاملين البحرينيين ولم يأت بذكر الموظفين الاجانب.
ويضيف مدير الهيئة في تصريحه بان المميزات التأمينية التي تمنحها الهيئة للعاملين كبيرة وتعتبر من افضل المميزات على مستوى دول المنطقة، وهذه النسبة غير عالية اذا ما قورنت بنسب الدول المجاورة. عذر مقبول فعلا للاستقطاع رغم ان مدير الهيئة لم يبين بالضبط هذه المميزات التي نعتها بالافضل واى دول المنطقة التي يتحدث عنها ويقارننا بها فحسب علمي بأن معظم دول الخليج وهذا ما أسميه انا دول المنطقة لديهم نظام تأمين أجتماعي أفضل مئات ان لم يكن الآف المرات من نظام التأمين عندنا ولم يصب صناديقهم العجز الاكتواري الذي اصاب صناديقنا ولم يقوموا برفع نسبة الاشتراكات او يطبقوا نظام للاستقطاع كما حدث عندنا رغم ان رواتب مواطنيهم أفضل من رواتب المواطنين البحرينيين بدرجات.
النائبة لطيفة القعود عضو كتلة المستقبل تطل علينا بعد غياب طويل في العدد نفسه وعلى الصفحة ذاتها لتؤيد ما ذهب اليه مدير هيئة التأمينات وتؤكد بأن وصول نسبة الاستقطاع إلى 8٪ أمر عادي ومعقول مرجعة السبب إلى المميزات التأمينية العالية التي تمنحها الهيئة للعاملين وبأنه يجب ان نتأكد انه في يوم من الأيام كانت النسبة 21٪، والحكومة خفضتها الى 15٪، وطوال عقد كامل كان العامل لا يدفع سوى 5٪، ولما اشار الخبراء الاكتواريون إلى ان احتمالات اصابة صناديق التأمين بعجز اكتواري واردة بقوة، اضطرت الحكومة لزيادة الاشتراكات للحفاظ على مستقبل الصناديق وبالتالي ضمان حقوق المتقاعدين. وترى القعود أن من الطبيعي جداً اعتراض اصحاب العمل على تطبيق نسبة الزيادة، لكنها أشارت إلى أنه لا يجب ان نغفل الجانب التكافلي في مثل هذه القضايا، وعلينا ان نرفع الحساسية من الاستقطاع لأنها في النهاية تصب في صالح مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.
بصراحة ما قصرت معانا الحكومة .. كان من المفترض ان ندفع 21% ولكن أخذتهم الرأفة بنا وتم خفض هذه النسبة. ضمان حقوق المتقاعدين أمر مشروع الآن خاصة بعد ان تم ضمان هذه الحقوق في السابق من خلال التلاعب بأموال صندوق التقاعد والمشاريع الفاشلة التي استثمرت فيها الهيئة أموالنا لعقود من الزمن. ومبدأ التكافل كذلك مبدأ أسلامي يتناسب مع نظامنا السياسي والاجتماعي الشفاف الذي يحثنا على الدفع ويمنعنا من الحساب والمسائلة عن الطريقة التي يتم فيها توظيف واستخدام هذه الاموال.
اما المميزات التأمينية فهي (مسكتّة) لدرجة اننا لا نضطر للعمل اربعون عاما أو أكثر لنحظى براتب تقاعدي معقول يعيننا على دفع قيمة الادوية والعلاج لامراض سن ما بعد الشيخوخة الذي نصل اليه حينما نحال الى التقاعد هذا طبعا اذا أمد الله في عمرنا لننعم براتب التقاعد الذي أفنينا لأجله ثلاثة أرباع عمرنا من الكد والعمل. المميزات التأمينية العالية التي تحرم والدّى المؤمن عليها الغير متزوجة من راتب ابنتهما التقاعدي حتى لو عملت لمدة عشرين او ثلاثين عاما ففي النهاية لن تحظى من سنوات خدمتها سوى بقبر وتعزية على صفحات الجرائد. المميزات التأمينية التي جعلت متقاعدى اليوم والعقود السابقة ينعمون برفاهية مماثلة كالتي يعيشها المواطنون الخليجيون بعد عشرين عاما فقط من الخدمة او كالتي يعيشها المواطنون الاجانب في تنقلهم واسفارهم بعد وصولهم الى سن التقاعد.