قرية الجسرة وحكاية من حكايات البحرين
ثم دار حوار بيني وبين البائعة حول الحرف البحرينية واماكن تواجدها فأقترحت علىّ زيارة مركز الحرف بالجسرة ومجمع العاصمة للأسر المنتجة الذي أفتتح مؤخرا بالقرب من مجمع السيف. قلت لها ان آخر زيارة لي لمركز الجسرة للحرف اليدوية كانت قبل سنوات طويلة منذ وبأنني منذ ذلك الوقت لم أزر هذا المكان لدرجة أنني غير أكيدة أن كنت سأعثر عليه بسهولة. هكذا وبدون تفكير مسبق حسمت أمري وسلكت الطريق المؤدية لقرية الجسرة ولا أعرف لماذا خامرني شعور غريب منذ أن وصلت الى مدخل القرية، الشعور ذاته الذي يخالجني كلما لمحت الاشجار الوارفة الظلال وهياكل البيوت القديمة في منطقة الصخير .. ذكريات زمن مضى لم يتبقى منه سوى بعض الصور العابرة في المخيلة.
حينما وصلت للمركز شعرت بروح المغامرة كتلميذة تبتهج أساريرها لخبر رحلة مدرسية ، أبهجني رؤية مجموعة من تلميذات المرحلة الابتدائية يجلن أروقة المركز بصحبة معلمتهن فلم أستطع ان أمنع نفسي من فرصة العيش مجددا في تلك الايام من خلال مشاركتهن صخبهن واسألتهن قبل ان ينطلقن مسرعات لشراء الايسكريم من حافلة كانت متوقفة بالقرب من المركز.
تجولت في مركز الجسرة الذي كان عبارة عن غرف صغيرة متلاصقة تم تخصيص بعضها لورش عمل وبعضها الآخر لمراكز لبيع الهدايا. ومن الاواني الفخارية للسلال المصنوعة من سعف النخيل للصناديق الخشبية لصناعة النسيج أعترضتني الكثير من الحكايات والروايات حتى وصلت للمرسم الخاص بالفنان سامي المالود.
في مرسم المالود شدتني لوحة يغلب عليها اللون الأخضر لرجل مسن، شخصية بحرينية حقيقية كانت تقطن منطقة الحد. سلمان هو الكهل الذي كان يعيش في غرفة صغيرة يطلق عليها دار موسى، آخر ما تبقى من جزيرة أم الشجر التي كان يقطنها سابقا بعض العائلات البحرينية المعروفة قبل ان يتوفى تاركا وراءه آخر أثر للجزيرة.
في الجانب الآخر من المرسم لوحة اخرى لسلمان يبدو فيها متكئ على رجل آخر هو يوسف، شخصية بحرينية أخرى كانت تقوم بقضاء الحاجيات للعائلات البحرينية التي يذهب رجالها للغوص والبحث عن اللؤلؤ لأسابيع طويلة. وحسب رواية المالود فإن يوسف كان يتمتع بصحة جيدة ولم يرتد في حياته المستشفى قط حتى فارق الحياة بعد ان أصيب بمرض عضال لم يشفى منه.
كل لوحة في مرسم المالود تشي بحكاية من حكايات البحرين ، بملامح حي من أحياءها ووجوه حملتها معي وأنا أغادر المركز وأطوف بين الفلل ذات الاسوار العالية والمزارع المترامية الأطراف .. أبتعد قليلا فألمح وجه فتاة لها عينان واسعتان وشعر طويل فاحم السواد .. جدارية بحرينية وحكاية أخرى من حكايات البحرين.
الصور: مركز الجسرة للحرف اليدوية، مركز العاصمة لمنتجات الأيدي البحرينية وبيت الجسرة.
جأتي في مقالك علي ذكر جزيره لطالما تدور حولها علامات استفهامي
وهي قريه ام الشجر التي تقع بحسب كلام الاهل بقرب فرضه المنامه
نحتاج لتوثيق مثل تلك الامور
نحتاج لتوثيق الكثير من الاماكن حتي لا تندثر
حكايات بحرينيه كثيره تستحق البحث والزياره
وعندما نجول في البحرين يقال لنا
(للحين ما اكتشفتوا البحرين؟؟ )
ورغم ذلك هم لم يروا تلك الاماكن
زوار البلد يعلموا عنها اكثر منا
الجسره احدها بوداعتها وهدوئها
ليال
أتفق معك في الرأي. سمعت من جدتي الكثير من الحكايات والقصص بعضها له علاقة بالاماكن وبعضها بشخصيات بحرينية وأحيانا كانت تلقي أبيات شعر باللهجة العامية لاتتذكر مصدرها .. جزء من تاريخ البحرين يحتاج لتوثيقه من خلال حكايات من عاصروا تلك الفترة وبالرجوع الي الوثائق المتبقية ويبدو اننا وبمرور الوقت بدأنا نخسر المصدرين لذلك أصبح من الصعب جمع هذه القصص وتأريخها أضيفي الى ذلك قلة المؤرخين البحرينيين ممن يهتمون بجمع هذه القصص. أعلم جيدا ما تقصدين فرغم اننا وكما يقال عيال الديرة الا اننا نجهل الكثير عن تاريخ البحرين وعن مدنها وقراها التي أضل طريقي اليها حينما أحتاج زيارة أحداها