وزارة العمل تتكفل بحماية خصوصية المرأة البحرينية
تفاجأني القوانين العشوائية والمتخبطة التي تطل علينا بها وزارة العمل في الصحف المحلية بين الحين والآخر وتفاجأني أكثر التصريحات التي يطلقها وزير العمل مجيد العلوي، ليس لافتقادها الى الموضوعية والدراسة والمنطق فحسب بل لأنها في كل مرة تحاول ايجاد ذريعة أو كبش فداء. فالبطالة سببها تقاعس الشباب البحريني وأخفاق المشروع الوطني للتوظيف والعثور على طلبات ومستندات المسجلين فيه بكل ما تحتوي من بيانات وصور يفترض فيها الخصوصية والسرية في حاوية للقمامة كان بسبب أهمال سائق الشركة المتعهدة وموظفين حكوميين آخرين. اما قرار إلزام محلات الخياطة النسائية بتوظيف سيدات فيأتي حماية للمرأة البحرينية والحفاظ على خصوصيتها وخصوصية المجتمع البحريني والاهم ان هذا القرار جاء تلبية لرغبة مجلس النواب، والذي تقدمت به كتلة المستقبل وإذا عُرف السبب بطل العجب فعلا.
ويبدو ان الكثير من القرارات المماثلة آتية في الطريق لا محالة ما دام الوزراء وغيرهم من المسئولين الذي يفترض أنهم بحكم مركزهم الوظيفي وخبرتهم ان يكونوا في موقع أفضل للحكم على الامور وقبول أو رفض الاقتراحات التي يتقدم بها مجلس النواب وغيرهم من الكتل السياسية قد تركوا زمام الامور لمن يرغب في سن القوانين التي يريد كل حسب مصلحته اما مصلحة الآخرين وتأثير هذه القرارات عليهم وعلى حياتهم ومصدر رزقهم فليس بالشئ المهم.
ليس لدى اعتراض خصوصا كوني امرأة بحرينية ان يتم توظيف سيدات في محلات الخياطة النسائية للتعامل مع مسألة القياس وغيرها منعا للحرج ولكنني لا ارى ضرورة لسن قانون والزام اصحاب محلات الخياطة بتوظيف سيدة للقيام فقط بهذه المهمة. فقد فقدت محلات الخياطة الكثير من بريقها وزبائنها منذ ان انتشرت محلات الالبسة الجاهزة خصوصا الرخيصة منها بحيث أصبحت تضاهي في اسعارها وجودتها تلك التي يتم تفصيلها في محلات الخياطة.
كما ان معظم السيدات اللاتي لازلن يترددن على محلات الخياطة يقمن بأخذ مقاساتهن بأنفسهن أو في أكثر الحالات يأخذن معهن أي قطعة تم تنفيذها سابقا ومقاساتها مضبوطة ليقوم الخياط بأخذ المقاسات ذاتها. واذا أفترضنا ان هناك محل خياطة جميع العاملين فيه من الرجال فليس من الحكمة ولا العدل ان نلزم صاحبه بتوظيف أمرأة مهمتها فقط أخذ القياس خصوصا اذا كان هذا المحل يعاني من الكساد وشح الزبائن.
ذكرني ذلك بقرار تم اتخاذه في السبعينات او الثمانينات لست أكيدة من ذلك حينما كانت صالونات التجميل النسائية في البحرين في أوج توهجها وعزها وكان العاملون فيها رجال ونساء من مختلف الجنسيات حتى جاء القرار الذي قضى بمنع الرجال من العمل في صالونات الحلاقة النسائية ففقدت الكثير من هذه المحلات زبائنها. هذا القرار شمل المحلات الصغيرة فقط اما تلك الموجودة في الفنادق التي تجنى الآلآف بل الملايين من زبائنها ومعظمهم على فكرة من الجنسية البحرينية فلا زال يديرها ويعمل فيها رجال حتى يومنا هذا. غالبية هؤلاء من اصحاب الجنسية اللبنانية وهم يسيطرون على جميع صالونات الحلاقة النسائية التابعة لفنادق الخمس نجوم، نفس الادارة والمستأجرين منذ أكثر من ثلاثين عام حتى ان البعض منهم والعهدة على الراوي قد حصل على الجنسية البحرينية.
اذكر انه في زيارة لي للبنان أخبرني أحد مصففي الشعر هناك بأن إدارة محلهم حاولت مرارا وتكرارا أفتتاح فرع لها في البحرين ولكن طبقا لكلامه فأن صالونات التجميل الكبرى في فنادق البحرين يحتكرها مجموعة معينة من مصففي الشعر اللبنانيين ممن يحصلون على مساندة من متنفذين بحرينيين يمنعون غيرهم من دخول المنطقة منعا للمنافسة والاستحواذ على السوق.
الموضوع نفسه تكرر حينما الزمت وزارة العمل الصالونات قبل سنوات ببحرنة خمسين في المائة من العاملات وتركت اصحابها يواجهون ما يواجهون من مشاكل بسبب عدم خبرة بعض العاملات البحرينيات أو تسربهن من العمل بينما تغاضت عن صالونات الفنادق التي لازالت توظف من تشاء من الجنسيات.
الموضوع إذا لا علاقة له بحماية المرأة البحرينية ولا بخصوصية المجتمع البحريني ولن نجنى منه شئ سوى المزيد من الاضرار بمصالح الناس وارزاقها في ظل وجود الوساطات والاستثناءات وقوانين لا تُطبق الا على عيال الفقارة.