صندوق الذكريات

Posted on June 11, 2007 by Suad

تمر الايام وتبقى بعض الملامح بين طيات الذكريات.. شخوص مروا في حياتنا، بعضهم أفل نجمه مع الزمن والبعض رافقنا رحلة الحياة والبعض الآخر بقى هناك في ذلك الجزء النائي من الذاكرة.

بين خطابات وقصاصات ورق قديمة جلست على ارضية الغرفة أقراها واحدة تلو الأخرى  .. صندوق الذكريات الذي ما ان أفتحه حتى تنفتح معه مشاعر حزينة لا أدرك ماهيتها .. بطاقات اعياد الميلاد والتهنئة وبطاقات بريدية من بعض الاقارب و الاصدقاء… لم أدرك ان الزمن مر سراعا وأنني فقدت الكثير من الاصدقاء الا في هذه اللحظة .. ماذا حل بهؤلاء .. اين هم الآن وماذا فعل بهم الزمن؟

وبين ذكريات ايام الدراسة وجدت نفسي وجها لوجه مع رجاء …. زميلة المرحلة المتوسطة والثانوية ومنافستي اللدود في مادة الانشاء بخطها الأنيق واسلوبها المبدع ..  تلك الفيلسوفة التي كانت تمزج بين الجد والهزل .. المضحك والمحزن بطريقة يصعب معها تكهن مشاعرها.

كنت أتنبأ لرجاء ان تصبح اديبة معروفة في يوم ما فقد كانت مخيلتها واسعة وفي نظرتها للحياة  من الصدق والعمق ما يصعب عليك تجاهله .. في أحدى المرات كتبت موضوعا تسخر فيه من النفس البشرية ومن الفلاسفة وأعطتني هذه القصاصة التي أحتفظت بها طيلة السنوات التي مضت لأعيد قراءتها اليوم واتساءل ماذا حل برجاء وبالحياة التي كانت تسخر منها.

ولان سطورها مازالت سارية المفعول حتى وقتنا هذا فقد فكرت ان انشر اجزاء منها عله يأتي اليوم الذي تظهر فيه رجاء مرة أخرى وتقرأ ما خطه قلمها حينما كانت في الخامسة عشرة من العمر.

“مسكين انت ايها الانسان .. ينصحك ديكارت بالتفكير لاثبات وجودك في حين يريحك داروين من عناء التفكير ويقرر بأن الشجرة (شجرة العائلة) تنتهي بقرد ظريف يحب الموز ويقفز من غصن لآخر .. اما العلاقات التي تربطك بالآخرين كالصداقة والأمومة والمحبة فيجب ان تنساهما تماما لانها على رأي فرويد تنصهر جميعا في بوتقة الجنس .. ولكي نعرف انفسنا يجب ان نعرف اولا من جاء قبل الآخر .. البيضة ام الدجاجة.

مسكين أنت حقا! فلقد أصبح العالم صغيرا ولم يعد بامكانك شد الرحال لتمخر عباب البحر وتكتشف عالما جديدا آخر .. ومهما حدقت في ثمرة التفاح وهي تسقط من أمها الشجرة فلن تأتي بقانون جاذبية آخر جديد . محيطات العالم السبعة لم ترو ظمأك ومع ذلك تغرق في شبر ماء .. قطع الاراضي المترامية والاطيان لا تشبع طمعك ومع ذلك ترضى او لا ترضى بقبر بالكاد يتسع لجسمك النحيل.

ما رأيك في الجرى .. مفيد للصحة منشط للدورة الدموية .. بأمكانك ان ترتدى الملابس الرياضية وان تجرى وتلف حول السور .. تجاهل التعليقات الساخرة .. لا تلق بالا لضحكات اولاد الجيران.

هل عرفت فائدة الركض الآن؟ لو عرفها الناس لاستغنوا عن وسائل المواصلات .. لن تحدث اختناقات مرورية .. الناس يهرولون الى مكاتبهم .. تصور رجل الاعمال يرتدى ملابس الجرى .. يجري ويحمل حقيبته الدبلوماسية .. لو يعلم الناس فائدة الجرى لاصبحت رياضتهم المفضلة .. الأولى .. ولتحطمت الارقام القياسية الموجودة ولنسوا حمى كرة القدم وتخلوا عن التشجيع والتعصب الأعمى.

واصل الجرى .. فما زال المشوار طويلا .. انك تلف حول السور حلقة مفرغة . ولن تصل ابدا .. هناك نوعان من العلاقة التي تربطك بهذا السور .. قوة الجذب اليه وقوة الطرد المركزية .. هل نسيت العلوم؟؟ اثناء عملية الركض احمل جهاز صغير وثبت سماعاته على اذنيك .. ما اشبهك بجماعة الهيتش هايكرز في الغرب وهم يجرون وانت تجرى .. يستمعون الى الموسيقى وانت كذلك .. الفرق الوحيد انك تستمع الى محمد عبدالوهاب وهو يغني .. اجر .. اجر”.

Share

Comments

  • layal on June 12th, 2007

    مبدعه صديقتك الغائبه
    عندما قرأت بدايات المقال حسبتكم من طالبات القسم الادبي
    بين ديكارت وفرويد
    ولكن عندما تحول الكلام الي الحديث عن الدوره الدمويه والجاذبيه والقوه الطارده المركزيه
    ادركت ان هذه الطالبه ذات ثقافه واسعه رغم سنها بذاك الوقت
    تحياتي لك ولصندوق الذكريات

  • Butterfly on June 13th, 2007

    هي مبدعة بالفعل بالنظر الى السن والمرحلة الدراسية ولكنها الموهبة وسعة الاطلاع. لم نلتحق بالقسم الأدبي لان ديكارت وفرويد ليس لهم مكان في سوق العمل 🙂

    سعدت بتواصلك الجميل يا ليال. تحياتي

  • الشيخ on June 13th, 2007

    انا كذلك احتفظ بصندوق يحتوي على ذكريات قديمة. من فترة فتحت الصندوق لاسبح في عالم الذكريات. فهاهي رسالة من بعض الاصدقاء الذبن كنت اراسلهم عن طريق مجلة ماجد ورسالة اخرى تحتوي على 10 دراهم من مجلة ماجد بعد الفوز في احدى المسابقات

    ولكن اكثر الاشياء متعبه الى القلب تلك المدونة التي كنت ادون فيها يومياتي. مدونه تتألف من 9 كتيبات تحتوي على كل صغيرة وكبيرة في حياتي لمدة 9 سنوات. هل مرت 9 سنوات فعلا!

    اما عن صديفتك فهيه مبدعة حقا. اذا عرفتي اين هي.. دليني عليها لاخطبها
    🙂

  • Butterfly on June 13th, 2007

    الشيخ

    الرجوع الى الماضي ممتع احيانا اذ يكفي ان تشعر بمدى التقدم الذي احرزته على مر السنوات والتغييرات التي طرأت على حياتك لتقدر ما وصلت اليه في الحاضر
    مفكرة لتسع سنوات! أحسدك .. لم استطع يوما ان انتظم في تسجيل امور صغيرة مثل المواعيد وغيرها في مفكرة العمل فكيف بمفكرة لتدوين يومياتي! تخيل قراءتها بعد عشرة اعوام من الآن، سيكون لها بالتأكيد وقع أكبر

  • ندى الفجر on July 2nd, 2007

    عزيزتي
    الذكريات جزء منّا لا يتجزأ .. نلجأ إليها كطفل رضيع لصدر أمه .. نحبها بكل ما فيها .. نبكي بين أحضانها ونتقاسم معها الضحكات ..

    وفقك ربي لكل خير ..

  • Butterfly on July 3rd, 2007

    ندى الفجر

    لو لم تكن الذكريات لأصبح الانسان كالطيف تنتهى صفته ويتوقف ذكره بعد مماته. شكرا على المرور ودمت كذلك بألف خير

Leave a Reply

Name

Email

Website

*