What I talk about when I talk about walking

Posted on November 20, 2014 by Suad

ربما يلاحظ المتتبعون لمدونتي أنني لست منتظمة في الكتابة وأنني قد أنشط أحياناً لعدة اسابيع ثم أتوقف لاسابيع أخرى أو ربما لعدة شهور وقد يمتد الانقطاع إلى عام كامل كما حدث في العام الماضي

بالنسبة لي التدوين ليس فرض مدرسي ولامقال أنا مجبرة على الانتهاء من كتابته وتسليمه في موعد محدد. حينما لاتتوفرالفكرة التي أرغب وبشغف في التعبير عنها لاأرغم نفسي على كتابة شئ. غالباً ماأنتظر الفكرة التي تستحوذ على أهتمامي وتحملني على الكتابة عنها دون أن أجبر نفسي على البحث عن موضوع معين لأكتب حوله. أغلبنا لايكتب حينما يبدأ فعلياً في الكتابة على الورق أو على الحاسوب وانما قبل ذلك بكثير. الكتابة تبدأ في مسودة التفكير في أي مكان او وقت، وأنت تستحم وأنت تحاول النوم وأنت في الباص او القطار، مسودتك الأولية تتمخض في العقل والعقل لايتطلب يدين او أوراق أو اقلام

حينما تتملكني فكرة ما أجد نفسي غير قادرة على مقاومة سيل الكلمات والجمل التي تنساب بغزارة وتترابط بشكل تلقائي رغم أن بعضها كان موجوداً في رأسي من قبل ولكنها لم تكن كافية بحد ذاتها لتكون نصاً متكاملاً. الكتابة وان بدا التشبيه مجحفاً أشبه بتنسيق زي متكامل قد تتوفر لديك بعض عناصره وقد تزيد في اوقات أخرى فتشعر انك امام نص مزدحم بالافكار تحتاج ان تزيح بعضاً منها أو ان تضعها جانباً لتخلق منها نص جديد بروح مختلفة

يمر النص الذي أفكر به وابدأ في كتابته اولاً في رأسي بفترة غربلة قبل أن أضع أصابعي على لوحة المفاتيح وأشرع في الكتابة. حينما أقرر أن أجلس أمام حاسوبي يكون النص أو بعضه موجوداً في ذهني وأقوم بتعديله وفقاً لما ماتمليه علي أحاسيسي وإنحيازي لبعض الافكار في تلك اللحظة حتى أستدل على الوسيلة التي أستطيع من خلالها التعبير عن ماأرغب في التعبير عنه. أغلب المسّودات التي أكتبها في رأسي لاتشبه النصوص التي ينتهي بها المطاف للحفظ في المسّودة أو النشر في المدونة كهذه التدوينة التي لاتحتوي تقريباً على أي شئ مما كتبته في ذهني وأنا أمارس رياضة المشي ليلة البارحة

حينما أذهب كل مساء للمشي لاأحمل معي شيئاً، لا نوتة للتدوين ولاحتى هاتفي الخليوي حتى لاأنشغل بشئ يصرفني عن التأمل في التفاصيل التي لاألتفت اليها عادة. رغم ذلك أجد نفسي في كل مرة أفكر وابدأ بكتابة ذهنية تتحول إلى كتابة فعلية حالما أعود الى المنزل أو قد تبقى حبيسة رأسي لعدة أيام قبل ان تستقر في مسّودة المدونة

التفكير في المسّودة الذهنية والتأمل في التفاصيل الأخرى التي صاحبتها جعلتني أستحضر بعض الخواطر الأخرى حول الكتابة والمشي وعبارات كثيرة تحفل بها أغلب كتب المساعدة الذاتية والتي كنت أعتبرها في السابق كليشيهات مستهلكة كُتبت لتبيع بنسبة أكبر أكثر من كونها صالحة للتطبيق على أرض الواقع. هكذا تراءت لي مقولة بإن أفضل الأشياء في الحياة مجانية، لم أستوعب معنى هذه المقولة وأفكر بها ملياً الا بعد قراءة مستفيضة لروايات أدب السجون كان آخرها رواية السجينةلمليكة أوفقير

يتساءل جان دومينيك بوبي في فيلمه قناع الغواص والفراشة”: “هل يتطلب الامر ضوء قاس من الكوارث لإظهار طبيعة الشخص الحقيقية؟“. قليلون منا من يقدرون قيمة الاشياء التي لايشتريها المال الا حينما يفقدونها أو تُحجب عنهم، حينها فقط بصبح الحصول على قلم ودفتر مثلاً حلم كبير تتضاءل امامه القيمة المادية لإحلام كنا نظنها بالأمس أحلامنا الكبرى

هل نحتاج إلى تجربة كالسجن لكي تمنحنا قليلاً من الانتباه واليقظة، أن نُحبس في زنزانة أو داخل أنفسنا حتى نبدأ في التمعّن في هذا المحيط الواسع من حولنا؟ اسئلة كهذه تشبه النظر إلى النصف الفارغ من الكأس وأظن أنني سأعيد التفكير والسؤال الآن بطريقة أخرى أكثر ايجابية بعد أن أكتشفت متعة وفائدة ممارسة رياضة المشي في الهواء الطلق

لاأنوي اعطاء العظات والنصائح او أن أحصي فوائد المشي، فعندما كتب هاروكي موراكامي مذكراته الخاصة بالجري والكتابة في كتابه ما الذي أتحدث عنه عندما أتحدث عن الجري لم يكن يسعى للترويج لرياضة الجري بقدر ماكان يريد الحديث عن خواطره الخاصة المتعلقة بالكتابة والحياة أثناء الجري

حينما يميل الطقس إلى البرودة أشعر بمزيد من الطاقة التي استنفذها في المشي أو الجري، لا لكي أفقد بعض الكيلوجرامات أو كي أعيش لفترة أطول وأنما كي أسحق هذا الفراغ بداخلي بطريقة ايجابية. الوحدة يمكن أن تكون مؤلمة ومملة حينما تتقاسمها مع الاشياء الجامدة أو مع اشخاص مملون ولكن الامر يبدو مختلفاً جداً حينما تكون وحيداً مع الطبيعة

لم أكن اتصور أن نعيق الغربان مثلاً يمكن أن يكون صوتاً مستساغاً حينما يكون جزء من صورة أكبر تتجاوز ارتباطها بالقصص المشئومة .. أن أشعر بالسعادة للجري خلف زهرة هندباء برية يذروها الهواء .. أن أتوقف لأراقب سرب من طيور النورس تتوسط غيمة بيضاء .. تموجات البحر التي تبدو أكثر وضوحاً عند انعكاس الوان الشفق عليها .. ظلال أغصان الاشجار .. النورس الذي كان يتأمل البحر وحيدا

حينما كنت أسير كنت أمرر يدي على الشباك .. اوراق الاشجار .. كل شئ كانت تلمسه يداي كان يمنحني زخة فرح كالتي تمنحني أياها زخات المطر

أكثر ماآلمني أن أرى اصداف البحر مطمورة تحت الاشجار المغروسة على حواف أرصفة الجزيرة التي أبتلعت جزء كبير من البحر. لاأعرف من الذي أطلق على الإخلال بالطبيعة مصطلح استصطلاح الأراضي البحرية؟ كيف يمكن ان يكون استبدال البحر باليابسة استصطلاح؟

لم تتبعني الفراشات الصغيرة هذه المرة. كنت كل مرة أسير فيها على تلك الارصفة ابطئ خطواتي، فتوليفة الاشجار والاصداف والفراشات مشهد لايتكرر كثيراً. كنت أفكر من فيهم أستوطن وطن الآخر؟ كم سيمضي من الوقت قبل ان يتنازل أحدهما للآخر؟ هل يمكن ان تتعايش الاصداف مع الفراشات؟

أجمل مافي الجري كما يقول موراكامي اننا لسنا بحاجة إلى الاصغاء او التحدث مع أحد وأنا في كل مرة كنت أمارس فيها رياضة المشي أو الجري كنت أستسلم بشكل كامل لأصوات الطبيعة، ورغم ذلك فجميع هذه الاصوات لم تستطع أن تغطي بشكل كامل على وعيي أو صوتي الداخلي

لو سألني أحد يوماً بماذا أفكر اثناء ممارستي لرياضة المشي سأفكر ملياً في السؤال قبل أن أجيبه مثلما أجاب موراكامي: حقيقة ليست لدي أدنى فكرة

عنوان هذة التدوينة وفكرتها مستوحى من كتاب للروائي الياباني هاروكي موراكامي*

جميع الصور المنشورة ليست ذات جودة عالية لأنني التقطتها بكاميرا الهاتف أثناء جولة المشي التي طرأت لي فيها فكرة كتابة هذه التدوينة*

sunset

Share

Leave a Reply

Name

Email

Website

*