الوقت ليس وقتهم والأوان ليس اوانهم ولاعزاء للمثقفين والمعتدلين
ان تعلن صحيفتان خليجيتان معروفتان بحياديتهما واعتدالهما ونأيهما عن الخوض في المستنقعات الطائفية عن إفلاسهما وتوقفهما عن الصدور في يوم واحد فهذا مؤشر واضح بأن الثقافة والاعتدال ليس لهما مكان في مجتمعاتنا الخليجية
اجدها مفارقة غريبة وساخرة بعض الشئ ان تودع “الوقت” البحرينية و“أوان” الكويتية في هذا اليوم بالذات والذي يصادف يوم الصحافة العالمي قراءهما والسبب حسب ما ذكرته الصحيفتين هو الازمة المالية العالمية التي عصفت بجميع الصحف ولكنها للاسف لم تطح الا بالصحف الرصينة والمعتدلة منها، تلك التي لاتحابي هذا التيار او تجامل تلك الطائفة
صحيح ان وجود تسع صحف يومية في بلد صغير كالبحرين قد يكون احد الاسباب وصحيح ايضاً ان السوق الاعلانية تشهد تراجعاً ومنافسة شديدتين بين هذه الصحف الا ان السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تنهار صحيفة جادة كصحيفة الوقت وتصمد صحف أخرى؟ من يتحكم في الاعلانات في البحرين ولماذا لاتحظى الوقت بنصيبها من السوق الاعلانية رغم شعبيتها؟
الحقيقة التي لايجهلها احد ان مهنة الصحافة في البحرين لاتطعم خبزاً لذلك فأن غالبية المنتسبين لمهنة الصحافة يمتهنون وظائف أخرى وبالتالى فأن الصحافة بالنسبة لهم عمل اضافي إلي جانب مورد رزقهم الاساسي وهناك القلة طبعاً من يعتمدون على الصحافة كمهنة رئيسية. الامر الآخر ان معظم الصحف في البحرين محسوبة على جمعيات وتيارات سياسية معينة لها اجندتها الخاصة وما يحدد بقاءها او احتضارها هو اتساع قاعدة هذه التيارات ونفوذها
كما ان الوصول لسوق الاعلانات الشحيح خصوصا ذلك المرتبط بالمؤسسات الحكومية والمؤسسات الكبرى مرهوناً بما تقدمه الصحف في البحرين لهذه الجهات من فروض الطاعة والولاء، إطلاق او تقييد حرية صحيفة يعتمد على مدى رضا المؤسسات التي تقدم الحصة الاكبر من الاعلانات في السوق عن هذه الصحف. هي علاقة نفعية إلى حد كبير فنشر أي خبر او مادة قد يضر هذه المؤسسات او احد القائمين عليها قد يعني حرمان الصحيفة من الاعلانات للأبد فاما ان تضحى الصحيفة بمصداقيتها واما ان تضحى بوجودها
والمؤسسات ليست وحدها الملامة فهناك ايضاً تلك الفئة الرخيصة من الصحفيين البحرينيين الذين التقيت ببعضهم من خلال عملى ممن لايتوانون عن الانتفاع بعلاقاتهم مع بعض الجهات من خلال مقالات الثناء والمديح لبعض الشخصيات او المؤسسات المعروفة لتحقيق بعض الغايات الخاصة وقد تخضع بعض المؤسسات – بسبب حاجتها للدعم الاعلامي – لهذا النوع من الابتزاز من قبل هؤلاء الصحفيين المأجورين فتكآفأهم وتكآفأ مؤسساتهم الصحفية بحصرية الإعلانات
صحيفة كصحيفة الوقت على الرغم من تعرضها للضغوطات بين الحين والآخر كغيرها من الصحف الا انها حافظت على حد معين من المصداقية المهنية لم تتنازل عنه ورفضت ان تكون بوقاً لأحد من خلال رفضها لان تكون صحيفة حزب سياسي أو صحيفة شركات أو صحيفة تكتل مصالح أو صحيفة حكومية فدفعت ثمن هذه المصداقية وثمن هذا الرفض
مؤسف حقاً ان تنتهي صحيفة ملتزمة تضم خيرة الكتّاب والصحفيين المشهود لهم بالنزاهة والاعتدال في الرأي إلى هذا المصير. قد تكون شهادتي في حق “الوقت” مجروحة فهي أول من اهتم بالمدونات والمدونين البحرينيين الا انها ايضاً الصحيفة التي ابدت استعدادها لدعم جهود اي جهة تسعى لمحاربة الطائفية وما تبنّي صحيفة الوقت لميثاق شرف “مواقع ضد الكراهية” – الذي لم يصمد طويلا للأسف – سوى ابسط الامثلة على حياديتها
كيف يمكن ان يتحمل المثقفون والمعتدلون في هذا الوطن حجم الفراغ الذي سيتركه غياب الوقت؟ كيف يمكن ان نتخيل ان الستار سيسدل نهائياً وللمرة الاخيرة على “شرفات الثقافة” و”اليوم الثامن” و”على الوتر” و”مكان” و”سوق الجنة” و”نوفيلا ” و .. و .. ؟ كيف يمكن ان تتحول الوقت بعد سنوات من الآن إلى مجرد أعداد صحيفة قديمة يعتليها الغبار وصفرة الزمن كما هو اي شئ كان هنا في الماضي ورحل، وهل بعد إحتضار “الوقت” بارقة أمل لوقت غير هذا الوقت؟
Thank you for your insightful, detailed and compassionate piece on AlWaqt. I don’t feel the need to add much anymore but reading this opens up floodgates of appreciation and I know my dad will really absolutely love it..
All the best to you,
Luma
عزيزتي
لاأعرف كيف وصلتِ لصفحتي ولكني ممتنة لهذه الزيارة ولهذا التعليق
أكن لوالدك التقدير رغم اني هاجمته في وقت ما لمنعه نشر مقال يتعلق بموضوع حجب المواقع الالكترونية في البحرين والذي سمح بنشره فيما بعد بعد اجراء بعض التغييرات الطفيفة. يومها علمت ان هناك ضغوط أكبر منه هي التي تحد من قدرته على نشر كل شئ كما يرغب للوقت ان تكون والالما سمح بنشر المقال لاحقاً بعد تخفيف جرعته التي قد لاتعجب بعض المسئولين ولازلت اذكر لقائي معه حينما عملت لفترة قصيرة في مجلة بانوراما الخليج قبل أكثر من عشر سنوات واذكر عبارته الشهيرة “بإن الصحافة البحرينية كخلاطة الاسمنت تخلط الغث بالسمين “. صحيفة “الوقت” من اقرب الصحف إلى قلبي لانها كما ذكرت حافظت على توازنها رغم كل شئ وهي الصحيفة التي أقترب صحفييها منا كمدونين منهم على سبيل المثال لا الحصر حسين مرهون وحسام ابو اصبع
أكثر ما ميز الوقت هو التجانس بين افراد فريقها والتعددية الثقافية التي يندر ان تجديها في الصحف المحلية الاخرى واهتمامها بالاحداث والفعاليات الثقافية المحلية ويؤسفني ان تُغلق هذه الصحيفة ابوابها بعد هذه المسيرة المشرفة وان ينفرط هذا العقد الجميل
هي خسارة كبيرة لجميع من يحاربون الطائفية في هذا الوطن
تحياتي لكِ ولوالدك ولجميع افراد فريق عمل جريدة الوقت وشكرا لزيارتك
مشكورةةةةة اختي على الاثناء على جريدتنا الشهيدة…… باسمي وباسم جميع العاملين فيها نقدم لك تحياتنا على مقالك الرائع وتعليقك العاطفي – زاهي علامة صحفي في قسم الاقتصاد
زاهي علامة
لاشكر على واجب، صحيفة الوقت قدمت لنا الكثير وتستحق ماهو أفضل من ذلك
ادرك ان زمن المعجزات قد ولى ولكني أتمنى فعلا ان يظهر من ينقذها ويبقى على موظفيها واذا لم يحدث ذلك فيكفيها فخراً انها كالاشجار تموت واقفة
مودتي
لا (وقت) للغد ..
شطر من قصيدة لمحمود درويش ..
اقتبسها ها هنا لأشرح ما يشعر به قراء الوقت جراء خسارتها ..
..
شكرا للوقت
وشكرا للعاملين بها … وتأكدوا ان كل ما قد بنيتموه ما زال عالقا في أذهاننا
ولن يمحى ~
دمتم بخير
ولا عزاء للمثقفين والمعتدلين
العزيزة سعاد لقد فقدت جزءا مني بإغلاق الوقت لازت لم استفق بعد من صدمة إغلاق الجريدة لا أصدق بأني لن أشاهد اسمي مطبوعا بالحبر الأسود لكن ما يسعدني أن ما زرعته داخلي الوقت لن يموت ابدا سماء الوطن تتسع للجميع لا للطائفية والدين لله والوطن للجميع