إقتصاد البحرين .. الصورة الأكبر

Posted on January 24, 2010 by Suad

قرأت اليوم مقال الصحفية لميس ضيف عن مجزرة بابكو القادمة وكنت بصدد ان أعلق على مقالها بالقول ان هذه ليست بأول المجازر ولاآخرها ولكني فضلت التعقيب عليه من خلال هذا المقال الذي كان يدور في رأسي منذ العام الماضي ولكنني آثرت ان اتريث حتي تتضح الامور أكثر وأتحقق من صدق النظريات التي كانت تتداول منذ عام ٢٠٠٦ بأن البحرين اصبحت معروضة للبيع

قبل عامين وبالتحديد في ديسمبر ٢٠٠٧ واثناء حضوري لمؤتمر فكر٦ أستوقفني الحوار الذي اجراه الاعلامي تركي الدخيل مع سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد البحرين وأعربت عن قلقي لما صرح به سموه اثناء حديثه عن الاصلاح عن نية الحكومة في المرحلة المقبلة التخلي عن هيمنتها على الجوانب الاقتصادية للقطاع الخاص لتتفرغ لمجالات القضاء والعدالة والأمن والدفاع” وذكرت في مقالي بأن تحويل عملية صنع القرار الى القطاع الخاص لا تتوفر لها البيئة ولاالعوامل التي تساعد على نجاحها بسبب ضعف الرقابة والانظمة القانونية والعجز الإداري وتساءلت عن البطالة ومصير المواطن المحدود الدخل وهل سُيترك بين المطرقة والسندان؟  ورغم ان سموه لم يذكر مصطلح “الخصخصة” في خطابه بشكل مباشر وصريح ولكن قراءة سريعة للحوار كانت كافية للتوصل لذلك.  تطرق الحديث كذلك لقوانين أخرى ومدى تأثيرها علي هروب الاستثمارات الى دول آخرى مجاورة وكان رد سموه بأن التكلفة المعيشية في البحرين أقل من غيرها في دول الخليج العربي وقلت يومها انها مسألة وقت لاأكثر وان الاسعار عندنا لن تكون الارخص لفترة طويلة وهاهي الايام تثبت ذلك فخلال العامين الماضيين طرأت زيادة غير مسبوقة على اسعار العقارات والسلع الاستهلاكية وهاهي الصحف والتصريحات تنذرنا بالمزيد في الايام المقبلة فأسعار المحروقات ستزيد بنسبة ٢٠٪ إلى ٢٥٪، كما سيتم رفع الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية  الاساسية واستطيع ان اجزم لكم ومنذ الآن ان هذا أول الغيث وليس آخره

خصخصة الكهرباء والماء، خصخصة محطات تزويد الوقود، خصخصة عدادات مواقف السيارات، مايحدث الآن في الشركات البحرينية الكبرى التي تمتلك فيها الحكومة الحصة الأكبر والتي تتساءل الصحفية لميس عن اسبابه ليس سوى جزء من الصورة الأكبر لمستقبل اقتصاد البحرين الذي يتجه لخصخصة جميع القطاعات للتخفيف من الاعباء المالية التى تتحملها الموازنة العامة، الحقيقة التي لاينكرها المسئولون الحكوميون والذي حسب تصريحهم سيشمل في الفترة المقبلة قطاعات الخدمات والانتاج وعلى الاخص قطاع السياحة وقطاع الاتصالات والنقل والكهرباء و الماء وخدمات الموانئ والمطارات وقطاع خدمات النفط والغاز وخدمات البريد وأى قطاعات خدمية وانتاجية أخرى

ولذلك أرد على الصحفية لميس بأن البحرين لن تعد قريباً دولة ذات اقتصاد ريعي لايتبنى النظام الرأسمالي، قريباً جداً ستتخلص الدوائر الحكومية – التي لن تعد حكومية – من عبأ الموظفين الغير منتجين، وسيكون قطع خدمات الكهرباء والماء من نصيب المشتركين المتخلفين عن الدفع حالهم حال المشتركين في خدمات الهاتف وهو ليس بالامر السئ على الاطلاق ولكن السئ فعلا ان الخصخصة بدأت تطل بوجهها القبيح والذي بدأنا نشهد بعض مظاهرها الآن في تخفيض حجم العمالة في القطاع الخاص والحكومي الامر الذي سيساهم في ارتفاع نسبة البطالة وهو ما سيؤدي بدوره إلى إنخفاض اجور ورواتب البحرينيين طبقاً لقاعدة العرض والطلب وبالتالي انخفاض مستوى معيشة الفرد ولن تعد الحكومة في موقع المساءلة عن سبب البطالة او الغلاء وارتفاع الاسعار

مانريد معرفته حالياً هو صحة الشائعات التي تقول بأن الحكومة ستفرض نظاماً للضرائب كما هو الحال في الدول الاوروبية وبإن هناك خبراء يتدارسون هذا الموضوع حالياً والذي سيطبق في البداية على الشركات حتى لا تتحمل الدولة والتي تعاني من مديونية كبيرة، عبء مصاريف الخدمات العامة التي يستخدمها الجميع سواء البحرينيين أو الأجانب العاملين في الشركات خصوصاً بأن حجم الدَّين العام للمملكة (محلي وخارجي) بلغ حتى نهاية النصف الأول من عام ٢٠٠٩ نحو 1.58 مليار دينار

الخصخصة لاتقيم وزناً للانسانية ولاللرأفة بالفقراء والمعدمين وانا اتساءل معك يالميس كيف يمكن للخصخصة ان تساهم في اصلاح سوق العمل وتحقيق رؤية البحرين الاقتصادية ٢٠٣٠ في “توسيع الطبقة الوسطى من المواطنين البحرينيين الذين ينعمون بمستويات معيشية عالية جراء  زيادة معدلات الإنتاجية والوظائف ذات الاجور العالية” والذي يتنافي كلياً مع المساؤى المتعددة لنظام الخصخصة والتي تتقدمها تفاقم مشكلة البطالة وتعميق الهوة بين الفقراء والاغنياء والتي عجزت أكثر الدول الرأسمالية تقدماً حتى الآن في إيجاد حلول لها

تحديث

نشرت صحيفة الوسط اليوم (٢٥ فبراير ٢٠١٠) تصريح للرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة قال فيه: ” وتعتزم البحرين أيضا خصخصة خدمات حكومية أخرى من مستشفيات إلى إدارة الصرف الصحي في ظل سعيها لتنويع اقتصادها لتقليل اعتماده على النفط وبناء قطاع خاص تتوافر له مقومات النمو واقتصاد يقوم على الضرائب

Share

Comments

  • The Observer on January 25th, 2010

    الخصخصة لاتقيم وزناً للانسانية ولاللرأفة بالفقراء والمعدمين وانا اتساءل معك يالميس كيف يمكن للخصخصة ان تساهم في اصلاح سوق العمل وتحقيق رؤية البحرين الاقتصادية ٢٠٣٠ في

    In my opinion this is not totally true. Privatization can sometimes increase the efficiency and productivity and full utilization of resources chief among them is people’s productivity.
    The downsides of the privatization lead some people to overlook its advantages. These advantages, however, can only be realized through solid institutionalized policies, procedures and monitoring system.

  • Suad on January 25th, 2010

    مثلما فشل البرلمان لعدم توفر البيئةالمناسبة ولا العوامل لنجاحه والتي تتوفر في الدول الديموقراطية ستفشل الخصخصة في تحقيق الاهداف الايجابية التي تتحدث عنها بسبب غياب الرقابة والمحاسبةولكن الفرق ان البرلمان لم يحدث ذلك الضرر الكبير الذي ستحدثه الخصخصة على حياةالبحرينيين وعلى مستوى معيشتهم. الايام مثلما نقول بيننا وهي الحكم لذلك سنتظر ونرى

Leave a Reply

Name

Email

Website

*