من يظلم ليلى البحرينية؟ ٢-٢

Posted on December 27, 2009 by Suad

في تتبعي لسيرة وتاريخ الناشطات في العالم العربي لاحظت ان هناك سيناريوهات متكررة للطعن في مصداقية ناشطة حقوق المرأة فإذا كانت عزباء قالوا ان دفاعها عن حقوق النساء هو بسبب كراهيتها للرجال والا لما عزفت عن الزواج، وإذا كانت منهمكة في الدفاع عن قضيتها ولم تعط اهتماماً لمظهرها الخارجي قالوا انها مسترجلة وتفتقد إلي الانوثة. اما اذا كانت لاتنتمي لهذا او ذاك فهي اما علمانية او ليبرالية تدعو للفحش والفساد وتهدف للشهرة ولعل مقال الكاتبة والإعلامية السعودية نادين البدير الاخير عن تعدد الازواج أكبر دليل على ذلك

ناشطات حقوق المرأة في العالم العربي أكثر النساء اللواتي يتم اضطهادهن فالمجتمع العربي مجتمع ذكوري يعلو فيه صوت العادات والتقاليد على صوت الدين والقانون، وأي تقاليد؟ التقاليد البالية والمتخلفة التي مازالت المرأة ترزح تحت ثقلها حتى يومنا هذا.  ما يدهشني بل يصيبني بخيبة الامل هو اضطهاد المرأة للمرأة فحينما طُرحت فكرة سن قانون للأحوال الشخصية في البحرين عام ٢٠٠٥ خرجت العشرات من النساء في مسيرات للاحتجاج على تمرير القانون بعد ان أوحى لهن شيوخ الدين بإن القانون الجديد قانون علماني يخدم المصالح الغربية ولايستمد مواده من أحكام الشريعة الاسلامية

لم تسأل هؤلاء النسوة عن تفاصيل القانون الذي يهدف في المقام الأول لحمايتهن وما اذا كان الظلم الذي يقع عليهن يوميا من قبل ازواجهن وفي المحاكم الشرعية مستمدان من احكام ومبادئ الشريعة الاسلامية، لم يفكرن في الاطلاع على بنوده او مناقشتها مع هؤلاء الشيوخ وأكتفين بالانقياد الاعمى لمايقولونه لهم كما لو انه قد تم تنويمهن مغناطيسياً

وللاسف لم يكتف المعارضون بحشد الرأي العام ضد قانون احكام الاسرة بل مزقوا وكسروا اللافتات والاعلانات التي صاحبت الحملة في الشوارع العامة وكثفوا جهودهم لإجهاض أية محاولة لرفع المعاناة عن المرأة البحرينية حتى تحقق لهم ما ارادوا ووأد المشروع في مهده.  وانا أريد اليوم ان اسأل هؤلاء: ماذا حققتم للمرأة البحرينية من مكاسب بعد مرور اربع سنوات علي رفضكم للقانون؟  ما الذي تغير؟

لماذا لم توفروا بعض قواكم وطاقاتكم التي جندتموها لوقف التجنيس السياسي العشوائي في البحرين للمطالبة بالجنسية لإبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي؟ لتعديل قانون الجنسية البحريني الذي يبيح للبحريني المتزوج بأجنبية الحصول على الجنسية لها ولابناءه منها ولايعطي نصف هذا الحق للمرأة البحرينية؟  لماذا لم نسمع عن مسيرات للمطالبة بهذا الحق رغم علمكم بما قد تعانيه المرأة البحرينية حينما تُحرم هي وابناءها من السكن والعمل والتعليم خصوصا حينما يتوفي الزوج الاجنبي او عندما يطلقها او يهجرها وهي لاتزال مقيمة في البحرين.  اليس ابناء البحرينية أحق بالجنسية من المجنس الغريب وابناءه؟

تتزايد قضايا الطلاق العالقة في المحاكم الشرعية كل يوم (٩٠٠ قضية في عام ٢٠٠٨ بزيادة ناهزت الـ ٥٠٪ عن عام ٢٠٠١ وبمعدل زيادة سنوية تقدر بـ ٥٠ قضية) وحجم قضايا العنف ضد المرأة ايضا يتزايد(٤٣٪ من النساء يتعرضن للعنف بصورة مستمرة كما ان العنف اصبح مقبولا اجتماعيا وأخلاقياً حسب دراسة مسحية للإتحاد النسائي البحريني) بسبب غياب قانون للاحوال الشخصية والاجتهادات المختلفة والمتضاربة أحياناً التي يعتمدها قضاة المذهبين السني والجعفري  للفصل في أحوال الاسرة

تحكي لي والدتي بين الحين والآخر عن قصص فساد بعض المشايخ قبل اربعين عاماً حينما كانت تستنجد بعض النساء بهم لطلب الطلاق من ازواجهن للضرر فيساومونهن بالموافقة علي تطليقهن مقابل الزواج منهم، واتذكر قصص المحامية البحرينية لولوة العوضي عن القضايا التي كانت تترافع فيها وشعورها بالخذلان امام احكام بعض القضاة الذين لايرون حتى في دخول المرأة على كرسي متحرك لقاعة المحكمة وما خلّفها لها عنف زوجها من عاهات مستديمة مايشفع لها بطلب الطلاق فالتشريعات البحرينية كانت ولازالت تفتقد نصوص تجريم العنف ضد النساء.  اتذكر قصة امرأة بحرينية اتصلت بإذاعة البحرين لتسرد لهم قصة ادمان زوجها على نوع من العقاقير الطبية التي كان لها مفعول المخدر واستياءها من قاضي المحكمة الذي سخر من شكواها طالباً منها ادمان نفس الاقراص التي يتعاطاها زوجها حتى تتخلص من المشكلة

اتذكرعشرات قصص المعاناة التي يعشنها نساء اعرفهن او اسمع قصصهن من خلال بعض الاقارب والاصدقاء، احلام الزواج السعيدة التي تنتهي إلى رحلة شقاء طويلة يضيع خلالها عمر المرأة في التردد على المحاكم وبقاءها معلقة لاهي بالمتزوجة ولاهي بالمطلقة واستغرب كيف اننا وبعد مرور اربعين عاما أو أكثر مازلنا نسمع القصص التي كانت تدور في عصر والدتي وجدتي واستغرب أكثر كيف بعد كل هذا وجود نساء يرفضن قانون الاحوال الشخصية

لاأعرف لماذا تتكتم وسائل الاعلام عندنا على هذه القصص؟ لماذا لا تنشرها على الملأ، فإطلاق القوانين على قواعد لاتستوعب القوانين لن يحقق نتائج ملموسة، علينا ان نعمل على تغيير العقليات وتهيئتها قبل ان نعمل على تنظيم حملات دعائية ونرصد لها ملايين الدنانير وهذا لن يتحقق مالم تشعر المرأة ذاتها بمدى الضرر الذي يقع عليها وعلى غيرها من النساء في ظل غياب قانون للاحوال الشخصية

جزء من اللقاء الذي اجراه برنامج اضاءات مع ناشطة حقوق المرأة البحرينية غادة جمشير

هذه المقالة تندرج ضمن حملة كلنا ليلى

Share

Comments

Leave a Reply

Name

Email

Website

*