Archive for February, 2009

مقال مُنع من النشر

Posted on 2009 02, 03 by Suad

alwaqt8mar09

تحديث:  تم نشر المقال اليوم الأحد ٨ فبراير ٢٠٠٨ بعد حذف بعض الفقرات وجزء من العنوان الرئيسي الذي يبدو انه كان السبب لإتخاذ إدارة تحرير جريدة الوقت قرار منع النشر.  لقراءة المقال على موقع الصحيفة الرجاء الضغط هنا وهنا

الوقت – حسين مرهون

رفضوا مطلق “الحجب”.. وخشية من أن يطال عرينهم
مدونون يستنفرون للقرار “1” ويسألون عن “حكّة” مترجم جوجل

“لقمع المعارضة: صفها بالإباحية”. هذا عنوان أحد التقارير التي حملتها مجلة نيوزويك لقرائها في العدد الأخير وكان كاتبه يفغيني موروزوف يتحدث عن حملة استهلت بها الحكومة الصينية العام الجديد عبر إغلاق عدد من المواقع على شبكة الإنترنت. المواقع كما أوضح الكاتب شملت موقع Google  وBaidu، وهما محركا البحث الأكثر شعبية في الصين. ثم اتسعت الحملة لتشمل 91 موقعاً، لتعاود الاستئناف مرة أخرى خلال الأسبوع الماضي وتطاول 1250 موقعاً إلكترونياً. بينها مواقع استهدفت صوراً لنساء شبه عاريات ومواقع للمعارضة الصينية. ويقول موروزوف “بكين تكافح الإباحية على شبكة الإنترنت، لكن الهدف الحقيقي قد يكون وضع حد للمناقشات المشروعة

في الواقع، بالإمكان إعادة صياغة المقدمة السابقة والاستغناء عن كلمة “الصين” بواسطة خاصية Replace  التي يوفرها برنامج الكتابة الخاص بشركة مايكروسوفت، ووضع “البحرين” مكانها ليناسب الأجواء السائدة هذه الأيام. فلن يختلف الحال كثيراً. أليس كذلك

خلال الأسبوعين الماضيين توالت الشكاوى من تكرار ظهور عبارة “الموقع محظور” لدى زيارة مواقع يديرها معارضون وجمعيات سياسية ومواقع صناعة الجنس والقمار وأخرى لا دينية أو تقدم خدمات البروكسي والترجمة مثل خاصية الترجمة التي يوفرها موقع جوجل الشهيرgoogle/translate . وحوَت العبارة المستخدمة شرحاً باللون الأحمر تنطوي على نوع من التعليل “الموقع تم حجبه بقرار وزاري بسبب احتوائه على نشاط مخالف للقيم الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية”. قبل أن يُعاد لاحقاً استبدال العبارة بأخرى أخف وطأة تقول “تم حجب هذا الموقع بقرار من وزارة الثقافة والإعلام لاحتوائه على أمور محظور نشرها طبقاً للقانون”

مع ذلك فالمدونون البحرينيون ربما استبقوا محرر نيوزويك، ثالث أكبر المجلات توزيعاً على نطاق العالم، في ملامسة ما كان قد استنتجه في   تقريره، كما يمكن أن تدل على ذلك نقاشهاتهم التي انطلقت في الإثر من القرار والذي ليس صدفة أنه حمل الرقم “1” للسنة الميلادية الجديدة

كان المدون حسين يوسف المتخصص في مجال المعلوماتية والداخل إلى مجتمع التدوين حديثاً قد استهل نشاطه التدويني بمداخلة تقنية عن القرار معتبراً أنه “مقدمة إلى شيء ما” لكن من دون أن يوضح ماهية هذا الشيء. ثم بعد أيام، حين كانت الأنباء تترى من المنابر الصحافية المختلفة عن توقيف عدد من النشطاء السياسيين عاد وأدرج تدوينة أخرى مذكراً بتحقق ما كان قد حذر منه. قال كمن أحرز سبقاً مشهوداً “ألم أقل لكم”

يوسف كان يحاول بذلك إعادة رسم اللوحة مستخدماً خبرته في المعلوماتية جنباً إلى جنب تحليله للخلفية السياسية. وقد رجح أن تكون التقنية المستخدمة في عملية الحجب قد اعتمدت على برنامج WebSence الذي وصفه بـ”الغبي”. وأوضح أن هذا البرنامج يتيح إمكانية الحجب بواسطة “نظام التصنيف” و”الكلمات المفتاحية” إضافة إلى “الإدخال اليدوي”، ما يمكن أن يؤدي – في الحالتين (1) و(2) – إلى إغلاق مئات المواقع في حين هي قد لا تكون مستهدفة من الأساس.  وعلى هذا النول كرّت على مدى الأيام السابقة تدوينات أكثرية المدونين الذين شدد أغلبيتهم على الدوافع السياسية التي تقف وراء القرار

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد. فقد راح عدد من المدونين يوسع من هامش النقاش بإبداء التخوف من أن يطال القرار مجتمع المدونين نفسه – حتى الآن لم يحصل ذلك – الأمر الذي يمكن أن يغلق هامشاً شخصياً ازداد في السنوات الأخيرة استخدامه من طرف قطاعات متنامية. وقد تحدثت جنان العود التي استغلت الحدث للبوح باسمها الشخصي بعد أن كانت تختفي وراء اسم مستعار عن تأثير التدوين في شخصيتها “بدأت أؤمن بهذه المدونة وبأنها جزء لا يتجزأ من عالمي”. الشيء نفسه الذي عكسته مداخلة المدون علي حسن المعروف بـ”الإمبراطور سنبس”، حيث استغل الفرصة ليكشف عبر كلمات بسيطة لكن مؤثرة مررها إلى إحدى مجموعات تبادل الرسائل التي يستخدمها المدونون لتنسيق الحملات بينهم في الشؤون ذات العلاقة، عن أن “أغلب علاقاتي قمت بنسجها من واسطة المدونة

لكن حال الخشية الذي استحكم على حال بعض المدونين خوفاً من أن يطال الحجب صفحاتهم الشخصية، قوبل من طرف زملاء لهم بلغة أقرب إلى الاستهجان، وذلك انطلاقاً من المفارقة الصارخة التي ينطوي عليها القرار والتي – انطلاقاً منها بالذات – تكمن استحالة تطبيقه. وقد رسم المدون عمار، صاحب المدونة المعروفة “عمارووو” الصورة في المشهد البسيط التالي “نعيش في عصر المعلومات وليس في العصر الحجري (…) ما زالت هناك ملايين الوسائل الأخرى لتجاوز الحجب. الشيء الذي يجعل كامل الجهد المبذول أمراً لا طائل منه”. وأضاف أحد زملائه تحت اسم إياد “الإنترنت أكبر من أن توقف أو تراقب. الصين تعد مثالاً جيداً على ذلك”

في سياق آخر، عاد يوسف ليلقم مدونته بمقالة أخرى استبطنت مقاربة “خجولة” إلى مواقع “البورنو” التي ارتأى سك مصطلح جديد لها “مواقع صناعة الإثارة الجنسية” ضداً على قرار حجبها. وقد انطلق من مبدأ “رفع القيود المفروضة عن الإنترنت، ومنعاً لخلط الأوراق بين الإتاحة والإباحة”. لتأتي الموافقة من المدونة حياة التي مهرت في موقعها موقفاً شبيهاً، لكن انطلاقاً من مبدأ إتاحة حرية التعبير “أنا ضد حجب أي موقع الكتروني سواء كان إباحياً أو معارضاً أو طائفياً، ومع أي سلوك يدعم حرية التعبير و قبول الرأي الآخر”

لكن في معرض تعليله رأى يوسف أن “الدولة تحرم بذلك قطاع الاتصالات ومؤسسات المجتمع المدني من ممارسة دورها في تقديم خدمات استشارة تخصصية واختيارية للرقابة الأبوية” على حد تعبيره.  وهو الأمر الذي وجد معارضة شديدة عليه من مدون زميل له وهو توفيق الرياش الذي أبدا تفهماً “مطلقاً” في إغلاق “المواقع الإباحية التي أتفق وأطالب بحجبها جميعاً”

بين كل ذلك، اختارت المدونة أميرة الحسيني جعل إطلالتها من نوع آخر عبر استخدام مزيج من كلمات الحيرة والسخرية اللاذعة، الشيء الذي لم يكن يخلُ من مغزى. لنستمع لها “حجب مواقع التعري؟ أنا أفهم ذلك. حجب مواقع الممارسة الجنسية؟ أنا أفهم ذلك. حجب مواقع القمار؟ أيضاً أنا أفهم. لكن بحق العباس، هل يسبب لكم مترجم جوجل الحكة في أعضائكم التناسلية” والعبارة على عهدة أميرة!. طبعاً، ما من شيء في الواقع يسبب الحكة، إلا الدفاع عن حجب مترجم جوجل والمواقع الأخرى، بداعي الإباحية الجنسية أو حتى الإباحية… السياسية. فهل وصلتكم الرسالة!

لمن الكلمة داخل غرفة فيرجينيا وولف؟

خلال النقاشات التي انطلقت في إثر قرار حجب المواقع الإلكترونية، اطلعت على مداخلات تقنية عدة، وألخص. فقد وجدت من ركز، ومصدري المدونون البحرينيون، على استحالة تطبيق القرار انطلاقاً من إمكانات الشبكة الهائلة القادرة على الفرار من الحجب، كائناً ما كان الجهد الآخر المبذول. هذا صحيح وتجارب دول مماثلة، في الصين ودول خليجية أخرى أثبتت هذا الشيء، والمعترض يثبت العكس

ووجدت من ذهب إلى تثمير قراءة سياسية للموضوع، ووضع القرار في سياقات حجز نشطاء سياسيين وعودة أجواء التوتر الأمني إلى الساحات والشوارع. هذا أيضاً صحيح، والمعترض أتهمه بأنه لا يرى ولا يسمع، وإذا واصل في عناده فأتهمه بأنه لايشم (؟)

ثم وجدت من ركز على مبدأ “الحق” في الوصول إلى المعلومات دون حد، الأمر الذي نصت عليه مواثيق أممية عدة. ومرة أخرى، هذا صحيح، والمماري فيه يماري لأن مواثيقه لا تنتمي إلى هذا العصر إنما إلى أمة “أفضل القرون”. وهذا راجع إليه ومن حقه، شريطة أن يذهب إلى “أفضل القرون” وحده ومن يريد معه، وبالهناء والشفاء

قلت وأكرر، كل هذا صحيح، وتبقّى الوقوف عند “صح” من نوع آخر، لكن لا يقل أهمية. فالقرار يمدد “أبوية” الدولة، فوق المجال العام الذي هو مجالها العتيد ويجب أن يُعترف لها بذلك تفريقاً عمن يعيشون في غابة، إلى مجال الحق في الفردية

أبوية”؟ لأن القرار يبيح للدولة تحديد ما هو أخلاق وأدب وعادات وثقافة – للأفراد والجماعات سواء بسواء – وما هو لا، وبالإكراه. الأمر الذي يعني تحول الدولة من جهاز يحتكر وسائل العنف ويقدم الخدمات إلى جهاز يبيع “روشتات” راحة البال، وعلى رغم الأنوف. ليست مفترقة بذلك عن أية شمولية دينية  خلاصية

الدفاع عن الفردية في قبال مساعي “التأميم”، أتى من الدولة أو من جماعات، ليس شيئاً عبطاً ويجب أن يُلحّ في طلبه. – لماذا ساكتة حركة “لنا حق” بالمناسبة!؟ -. وحين كان يجري الحديث عن مجال الدولة أي المجال العام، كان يقال، وذلك صحيح، إنه يبدأ منذ اللحظة التي يضع فيها الفرد رجله في الشارع، بما في ذلك الشارع اللصيق ببيته

والآن، يجب أن يقال في المقابل، إن أحد مجالات الفردية، يبدأ منذ اللحظة التي يرفع فيها الفرد رجله عن الشارع إلى داخل بيته. فساعتئذ من يحق له الكلام عن الذي يسمع أو يشاهد بما في ذلك الذي يمكن أن يكون “منافياً” للأدب أو التقاليد أو الأخلاق السياسية. كيف والحال، نعرف، قد صار محض إرغام. مشكلة

Share

Newer Entries »