درس غزة
ما جدوى المسيرات والاعتصامات؟ هل ستحرر فلسطين أو توقف العدوان على غزة؟
هل ستصل التبرعات إلى غزة ام انها ستنُهب كما نهُب الذي قبلها؟
ما نفع المقاطعة اذا كانت حكوماتنا لاتقاطع؟
طوال الايام التي مضت وانا استمع الى اسئلة واستفهامات من هذا النوع، جمل غير مفيدة تركن إلى السكون والاستسلام للأمر الواقع وُتحمل الحكومات مسئولية ما يحدث في غزة. لا أنكر على هؤلاء حقهم فى الحصول على اجابات لأسئلتهم أو معرفة الجهة التي ستتصرف في تبرعاتهم ولكني استنكر موجة السلبية والتقاعس عن اداء واجب انساني قبل اي شئ آخر وفي نفس الوقت تثبيط عزائم الآخرين والتشكيك بجهودهم أو محاولة النيل منها بالتهكم والسخرية
حملة تثبيط العزائم هذه شارك فيها بعض شيوخ الدين العرب الذين وصفوا المظاهرات والمسيرات بالاستنكار الغوغائي والمتظاهرين بالجمهور الذي يفتقر إلى العقل كما شارك فيها بعض العاملين في بلاط صاحبة الجلالة ممن انكروا على شعب يموت تحت وطأة الاحتلال والحصار حقهم في حياة كريمة وفي الدفاع عن انفسهم وعن ارضهم
وأنا آقول لولا الجمهور الذي لاعقل له، لولا الاستنكار الغوغائي الذي شاركت فيه الشعوب في الهجوم على السفارات الاسرائيلية، لولا سياط الكلمات المؤنبة للحكام المتواطئين، لولا الحرج الذي أوقعهم فيه استنكار وتحرك حكومات وشعوب لاتمت للعروبة ولا للأسلام بشئ، لولا صور جرائم حرب الصهاينة البشعة التي بثتها وسائل الاعلام حول العالم، لولا الدعوات لمقاطعة الاسرائيليين وكل من يدعمهم، لولا صمود المقاومة والشعب الفلسطيني قبل اي شئ آخر لما توقف العدوان على غزة ولو بشكل مؤقت ولولا ذلك لما اوقفت بعض الدول الخليجية تطبيعها مع اسرائيل وعلقت علاقاتها معها. القرارات الدولية لم تلجم العدوان الصهيوني او توقفه يوما عن الاستمرار في مجازره وتحقيق اهدافه طالما ان المجتمع الدولي يدير ظهره للشعب الفلسطيني ويلوذ بالصمت حيال ما تتخذه اسرائيل من قرارات
نحن مطالبون اليوم أكثر من اي وقت مضى بعدم الركون الى الصمت والسلبية وعدم طيّ ملف القضية الفلسطينية بعد اسابيع او شهور من توقف العدوان، فحتى وان وضعت الحرب اوزارها فأن اسرائيل لن تتوقف عن عدوانها وعن تصميمها على استئصال المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، ربما تتوقف حاليا حتي تهدأ ثورة الرأي العام ولكن الشئ المؤكد انها لن تتوقف عن الاستمرار في مخططها الاستيطاني
واليوم أكثر من اي وقت مضى تحتاج غزة لمساعداتكم وتبرعاتكم لإعمار ماسحقته الآله الحربية الاسرائيلية وما خلفته من دمار قضى علي البنى التحتية وشرد الآف الأسر الفلسطينية بعد ان تهدمت بيوتهم ومدارسهم ومساجدهم
اليوم أكثر من أي وقت مضي نحن بحاجة الى إعادة النظر في نمط حياتنا الاستهلاكي الذي لم يكن يعير مقاطعة البضائع الاسرائيلية والسلع والمنتجات الامريكية التي تساهم بنسبة كبيرة من ارباحها في دعم الترسانة الحربية الاسرائيلية أية اهمية رغم ان مقاطعتها لن تجعلنا نتضور جوعا أو تقتل اطفالنا او تدمر بيوتنا او تجعلنا نتحمل حتى ابسط انواع المعاناه التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني كل يوم
اليوم أكثر من اي وقت مضى علينا ان نستوعب بأن ارادة وتلاحم الشعوب يمكن ان تحقق ما عجز عنه مجلس الأمن والأمم المتحدة والقمم العربية خلال ستين عام
اليوم أكثر من اي وقت مضى علينا ان نتقن استخدام ادوات الاعلام الجديد ونجيرها لصالح شعوبنا وقضايانا
اليوم أكثر من اي وقت مضى علينا ان ندرك ان صوتنا ملك لنا لا ملك حكامنا ولاملك من يتبعون
“واليوم أكثر من اي وقت مضى تحتاج غزة لمساعداتكم وتبرعاتكم لإعمار ماسحقته الآله الحربية الاسرائيلية وما خلفته من دمار قضى علي البنى التحتية وشرد الآف الأسر الفلسطينية بعد ان تهدمت بيوتهم ومدارسهم ومساجدهم”
الا تعتقدي انه ينبغي اولا ان تجيبي عن أسئلة الناس المذكورة في صدر مقالك عن مآل الأموال قبل ان تدعيهم الى ذلك؟
“اليوم أكثر من أي وقت مضي نحن بحاجة الى إعادة النظر في نمط حياتنا الاستهلاكي الذي لم يكن يعير مقاطعة البضائع الاسرائيلية والسلع والمنتجات الامريكية التي تساهم بنسبة كبيرة من ارباحها في دعم الترسانة الحربية الاسرائيلية ”
الادارة الاميركية تقدم اموال الى اسرائيل من الدخل القومي ككل، من اموال الخزينة ككل، من اموال البنوك، والبضائع، الخدمات والبضائع بما فيها الدخل من انتاج حتى افلام الجنس. فبالتالي، القول بمقاطعة البضائع الأميركية غير دقيقة وتنبي عن عجز لأن من يريد مقاطعة من يساعد اسرائيل، أي اميركا، واموال اميركا تأتي من من كل هذا الانتاج أي يجب ان تقاطع اميركا ككل، من البرجر الى الابتوب. اما مقاطعة جزء والركض وراء جزء فهذا استخفاف بالعقل وانتقاص من الشأن. وبدلا من المناداة بالمقاطعة، لماذا لا تنادي بدلا من ذلك بأن تفكر شعوب هذه المنطقة كما يفكر الصهاينة، التفكير بمستوى امة ، الحفاظ على مصالح الأمة بدلا من المذهب والحزب بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معهم. بدلا من المقاطعة والقفز في الشوارع احتجاجا يجب ان تركض هذه الشعوب الى المختبرات والمعامل وتنتج لنا بضائع مثل ما تنتجه اميركا حتى تستطيعوا ان تقولوا بالفم الملآن اننا نقاطعكم لأننا نملك البديل. في السبعينات، عندما منع العرب نفطهم على الغرب، تأثر الغرب كثيرا، تعلم الغرب الدرس الآن والعرب الآن لن يجرؤوا ان يمنعوا النفط حتى لو ولد لهم الف ملك فيصل لان الغرب تعلم الدرس ووجد البديل. والله لو يمنع الغرب منتجاته عنا، كل شي مو بس البرغر وماركس سبنسر، لأصبحنا مثل ….. املئي انتي الفراغ بما تحبين.
“اليوم أكثر من اي وقت مضى علينا ان نستوعب بأن ارادة وتلاحم الشعوب يمكن ان تحقق ما عجز عنه مجلس الأمن والأمم المتحدة والقمم العربية خلال ستين عام”
ترى هذا الأمر مستوعب من زمان بس كيف التطبيق، المشكلة مو في الاستيعاب. ومجلس الأمن تأسس بالقوة وبالأقوياء، ومن لا يملك القوة لا وجود له ولا بواكي له،