الوجه الآخر

Posted on August 5, 2007 by Suad

قد لا أكون مختلفة .. لكن الفرق بيني و بين سواي أنني لا أنسبُ لحرفي سبباً أو حباً ..فأنا أجيدُ تقبيل نفسي ..كما أحب أن أُحيط ذاتي بذراعي ..أحتويني . وقد لا أكون جميلة أيضًا .. لكن كلّ مافيّ  مبتسم..دافيء..  والأهم أنه يُتقنُ الحضُور.

أكثر من مرة فكَّرتُ بأن أجري عملية تجميلية أطَبِّق فيها شفاهي التي لا تكف عن توزيع الابتسامات بالتسَاوي على أرجاء الآخرين .. فأنا متهمة بـأسناني التي تُكشّر عن بياضها حتى نحو الأشخاص الذي لا يعتبرون ما أفعله جزءًا من صَدَقة …وإنما قد تعني لديهم تعبيرًا مهذبًا.. عن رغبة غير مهذبة.

أعترف هنا بقسوة ..بأنني أنظر إلى نفسي كثيراً في (المرآة) .. لا يعيبني أنني أفعل ما تفعله الإناث دائمًا..أليس كذلك ؟!.. فالمرآة حنونة كما الأمهات لا يُهمها إن كنتُ قبيحة ..أو جميلةً ..فهي لن تتوارى عن تقبيلي ..وإن كنتُ ملطَّخة بالجراح.. وحدها كما الكتابة قادرة على استقبالي في كل الأوقات .. وأصعبها ..تحفظ سرِّي .. تضاريسَ وجْهي ..و آخر قطراتِ عطرٍ أفارقها.

لم أجد كلمات تعبر عني مثل هذه الكلمات التي كتبتها الشاعرة السعودية هيلدا إسماعيل ولم أجد كذلك مقدمة أفضل منها للكتابة حول موضوع سبب لي مؤخرا بعض الضيق.  فبطبيعتي لا أحب الادعاء والمدعيّن وبشكل عام أحرص على ان اكون نفسي في جميع الاوقات والظروف دون تكلّف أو تصنّع.

أؤمن كثيرا بأن الصورة مكمل للمضمون والعكس صحيح ، وبأن هناك دائما جزء منا لا تبوح به هيئتنا الخارجية ولا اسلوبنا او طريقة تعاملنا مع الآخرين تماما مثلما لا تبوح الكتابة بالجزء الآخر من هويتنا التي تكشف عنها الستار معرفتنا الحقيقية بالشخص الآخر، هناك جزء ناقص لا يتم أكتشافه ما لم نكتشف الجانب الآخر من الاشياء.

العزيزة سلفر صاحبة المدونة المشاكسة سلفروو أخبرتني بعفويتها المعروفة عنها في أول لقاء جمعني بها انها كانت قد رسمت لي في مخيلتها صورة معينة بناء على متابعتها وقراءاتها لمواضيع مدونتي.  لم يكن يهمني كثيرا ان بدا شكلي أو مظهري الخارجي مغايرا للصورة التي تخيلتها بقدر ما انتابني الفضول لمعرفة انطباعها عن الشخصية التي تركتها حروف مدونتي.  ويبدو ان تخميناتها قد خذلتها حتى من هذه الناحية ففراشة هذيان الحروف في نظرها كانت أكثر تقليدية وتحفظا من الفراشة التي التقتها والتي حسب ما وصفتها في موضوعها الآخير بأنها مرحة وتتسم بالحيوية والنشاط.

نفس الموضوع حدث معي حينما التقيت بكرادل أوف هيومنتي  ليس فقط بسبب توقعاتي ان تكون صاحبة هذه المدونة الدسّمة المواضيع أكبر سناً ولكن لأنني كنت أعرفها وألتقيت بها شخصيا عدة مرات في العام الماضي ولم أتخيل ان تكون هي ذاتها صاحبة المدونة التي صرت أتابعها وأترك بعض تعليقاتي علي بعض موضوعاتها بين الحين والآخر .. مفاجأة ولكنها كانت مفاجأة من النوع السار.

في الاجتماع الأخير للمدونين البحرينيين والذي جمعني مجددا بجاردنز أوف ساند  روت لي عن الارتباك الذي تسببه مدونتها لوالدتها التي تبدي دهشتها في بعض الاحيان من بعض كتاباتها التي تشعرها بأنها تتعرف لأول مرة على جانب لم تعهده فيها ويبدو غريبا بالنسبة لأم تظن انها تعرف شخصية ابنتها جيدا، تقول جاردنز اوف ساند ليس هناك من هو أقدر مني على معرفة نفسي الا أنني حينما أقول عن نفسي بأنني شخصية خجولة على سبيل المثال اشعر بأن الجميع لا يصدقونني لأنني ابدو منطلقة في الحديث في الحياة العادية.

وفي حديثها وانطباعاتها الشخصية عن اللقاء الأول الذي جمعها ببعض اصحاب المدونات والاقلام النسائية تقول جاردنز اوف ساندز:

The meeting reaffirmed my belief that I should never judge a book by its cover. Or in this case, never judge a book cover by its contents. It is amazing how one forms notions of another’s appearance and behavior based on their writings. You expect them to be and look a certain way and boom! You meet in person and they are not at all how you thought they would be. It is funny how quick we are to peg someone.

والسؤال هو هل نحن أنفسنا في التدوين وخلف الشاشة كما نحن في الحياة العادية؟  نعم ولا في الوقت ذاته.

 الجانب الذي تبوح به مدوناتنا في رأيي هو الجانب الأكثر حقيقية وأقل زيفاً من الجانب الآخر الذي نقابل به الناس كل يوم في أعمالنا وبيوتنا وحتى مع أقرب الناس لنا،  جانب نعبر عنه بكل طلاقة ويٌسر من خلال لوحة مفاتيح الحاسب الآلي ولكننا لأسباب مختلفة ومتعددة لا نر داع لتعريته أمام من يهمنا ومن لا يهمنا أمره .  ومع ذلك فنحن نمتلك القدرة على الظهور بأكثر من صورة وشخصية  تنافي الجانب  الحقيقي فينا ظنا منا بأنها الاصلح والافضل لمجابهة الحياة والناس في المواقف المختلفة وقد تصدق ظنوننا أو تخيب.

واحيانا أخرى تكون مجرد ستار .. غطاء يحمينا من الآخرين .. من استغلالهم لنقاط ضعفنا ومواطن انسانيتنا.

عقولنا .. مشاعرنا .. شخصياتنا .. عملة من وجهين وبدون ان نعي نحاول الموازنة بينهما لأننا لا نستطيع مواجهة الحياة على الدوام بوجه واحد .. عابس كان او مبتسم .. خجول أو جرئ .. عقلاني أو عاطفي .. بسيط أو معقد.

Share

Comments

  • Silver Girl on August 5th, 2007

    صباح الخيرات يا عسل…

    وفق نظريتك، فأنا مشاكسة كمدونتي!
    عجبني الوصف!! جني قطوووووp:

    ومازلت أجد فوارق مذهلة بين ما تُبدين في المدونة وما أنت عليه (أو على الأقل ما أراه منك) في الواقع. أحب الفراشتين وأهنيك على جمعك المتقن بينهما.

    عموماً.. كوني أنت.. في المدونة وخارجها. وإن كان البعض لا يتقبل ولا يقدر مرحك وابتساماتك وكل ما يميز شخصيتك.. فلا بد أن هناك في المقابل كثير غيرهم يحبونك بسببها، وأنا أولهم!

    كوني على الدوام إسم على مسمى ولا يهمج 🙂

  • Butterfly on August 5th, 2007

    Silver

    🙂 الم أقل بأنك مشاكسة؟ ولكن على العموم هي مشاكسة من النوع المحبب الى القلب
    هل تعرفين أكثر مايميزك؟ أنني أستطيع ان أسمع حلطماتك وقهقهتك وحتى صوت انفجارك وغضبك من خلال كتاباتك .. فهي عفوية جدا كما أخبرتك من قبل

    وربما هذا هو ما جعلني أشعر بأنك قريبة جدا مني ولم أجد حرجا في رفع الكلفة منذ المرة الأولى معك فأنت كتاب مفتوح يسهل قراءته

    لن أستطيع ان أكون غير ما أنا عليه رغم كل تناقضاتي التي تبدو للبعض .. هكذا كنت وهكذا سأظل ولا توجد لدى نية لتعلم فنون الادعاء فأطمئني 🙂

  • قوس السماء on August 5th, 2007

    با الأول احب اسلم عليكم واحب اني اضيف نفسي الا مدوناتكم واقرأها واتابعها بشكل يومي .. لأني من الناس الهاويين الى مثل هذه المدونات …

    وان شاء الله اكون ضيف خفيف الظل

  • Butterfly on August 5th, 2007

    قوس السماء

    شرفت مدوناتنا يا قوس وشكرا على متابعتك وتسجيلك هذه الكلمات

    ربما من المعتاد ان يزور المدونة مدون آخر ولكن الزوار الآخرون الذي يتعنون الحضور وقراءة ما أكتب يجعلونني أشعر بسعادة خاصة

  • الشيخ on August 5th, 2007

    عندما كنت ادون كنت اجلس مع بعض الاصدقاء الذين يتحدثون وينتقدون ما كنت اكتبه. طبعا هم لم يعرفوا من صاحب المدونه ولم يتصورا ابدا ان صاحبها جالسا بينهم

    شعور غريب

    هل تفضلين الكتابه المجهوله او تكتبي بأسمك؟

    اكتشفت لاحقا بأن الكتابه المكشوفه اكثر متعه لانها تتضمن جرأه كبيره وخصوصا اذا كتبت مااريد بدون تحفضات

  • Butterfly on August 5th, 2007

    بصراحة كنت في حيرة من أمرى حينما بدأت التدوين، هل أكتب بأسمي الحقيقي أم أخفى شخصيتي وفي النهاية قررت ان استتر خلف أسم مستعار وكان ذلك لسببين الأول هو الكتابة بحرية مطلقة دون الشعور بالحرج من المقربين من الاهل والاصدقاء والثاني الابتعاد عن أعين الفضوليين الذين يصل بهم فضولهم احيانا الى مهاجمتك بضراوة أو تتبع خصوصياتك والتطفل على حياتك الخاصة

    قد لا أنكر ان هناك مميزات لهذا النوع من الكتابة اذ يكفي كما قلت ان هذا التخفي سيسمح لك بمعرفة رأي الناس الحقيقي فيما تكتب دون مجاملة او مواربة ولكنني أدركت الآن ان للموضوع جوانب سلبية أخرى منها اهدار حقوقك ككاتب اذ تتفاجأ بين اليوم والآخر ببعض ما كتبت منشورا في المنتديات والمواقع الأخرى بعضها منشورا تحت اسماء مستعارة أخرى وبعضها بأسمك المستعار الذي انتحله شخص آخر . والسيئة الثانية هي ان اطمئنانك لعدم معرفة الآخرين لهويتك الحقيقية قد يجترفك لكتابة موضوعات اما ان تكون ذات طابع شديد الخصوصية أو انها لا تراعي آداب النقد ما أو ما الى ذلك من الاعراف والخطوط التي نقف وراءها عادة حينما تكون شخصياتنا معروفة للآخرين. عدم الانسياق الى مثل هذه النوع من الكتابة يتطلب ارادة قوية امام رغبة شديدة مماثلة في التعبير عن نفسك وعن مشاعرك وآراءك

    بالنسبة للكتابة باسماءنا الحقيقية فقد فعلت ذلك في الماضي وكان ذلك من خلال الصحافة لا التدوين. كنت حينها اذيل موضوعاتي بأسمي وصورتي الشخصية وعنوان بريدي الالكتروني والمحصلة رسائل الكترونية سخيفة بعضها يطلب المحادثة عبر المسنجر وآخر يعبر عن اعجابه وقلة قليلة جدا كانت تطرح رأيا أو نقد أو تقترح موضوع يستحق الكتابة أو النقاش. في الوقت ذاته لا أنكر ان التجربة أفادتني وكانت مشجعة جدا من حيث تفاعل المحيطين بي وانتقادهم لما كتبت أمس أو اليوم، هناك أحساس متنامي من الثقة في النفس والسعادة كلما استوقفك أحدهم ليقول لك انه وجد في الموضوع الذي كتبت شئ منه أو من تجربته .. هناك التواصل وقاعدة عريضة من القراء والمعارف التي تزداد كل يوم من خلال استمرار كتاباتك حينما يكون اسمك وشخصيتك معروفا للجميع

    اليوم أنا شخصية مستترة للبعض ومكشوفة للبعض الآخر وحتى الآن لست مستاءه من الوضع ولكن من يدري ماذا يمكن ان يحدث في الغد، ربما تتوقف هذه المدونة وربما تحين تلك اللحظة التي تكون لدي فيها الجرأة للاعلان عن أسمي وشخصيتي الحقيقيتين

  • arabicca on August 6th, 2007

    ماذا تراني أقول غير رائع ما كتبته وأرجو أن أظاف اليكم قلما حرا وبوحا لا ينضب

  • layal on August 7th, 2007

    هذه التدوينه قبالتها ب ابتسامه عريضه
    لانها حقيقه ما نعيش فيه في التدوين وخارجه
    قد يمكننا في التدوين رسم عالمنا الخيالي الذي تنمني ان نعيشه او ان نفصح عما نحاول قوله ولكن في الحقيقه والواقع لا يوجد من يسمعه -لكن في التدوين نكون نحن دون اطر او قوالب وقد يكون العكس وارد
    عندما كتبت يوما عن شخصيتي تركت تلك التدوينه محفوظه ولم انشرها يوما
    اتركها للايام 🙂
    واما عن الاسم المستعار فقد مللت منه وافضل ان اظهر بشخصيتي لكن لنفس اسبابك وغيرها افضل البقاء كما انا عليه الان
    ولنا لقاء قريب 🙂

  • Cradle of Humanity on August 11th, 2007

    انتابني الشعور ذاته حين التقيتك في اللقاء ، في ذهني لك كانت صورة صورتها أنا خلال قرائتي لما تخطه يداك، و كانت دهشتي كبيرة عندما ارتبطت هذه الصورة بشخصية كنت أعرفها و التقيتها مرات عدة…

    شكرا على طرحك المميز..

  • نسايم ليل on November 1st, 2007

    كيف اكتب باسمي الحقيقي وانا داخل مساحه خضراء قلمي فيها فارس يلعب بمهاره دون خجل او تحفظ ،يُدرك انه يخطط حروف لن يقرأها إلا أشخاص من خلف جهاز لا تعرف عني شيء ولا يهمها ان تعرف، قاسمنا المشترك هو المعرفه من خلال بضعة اسطر او ربما فقط خربشات ،تأكدي ايتها الكاتبهـ لو لا فضائل الاسم المستعار التي ذكرتها لما وجدتِ اقبال على النت و المنتديات ..
    طــرح يستحق القراءه أعجبني فسجلت مشاركتي مدركة أن قلمي لن يجاري قلمكم ومع ذلك سترونني هنا..دمتم في حفظ الرحمـــــــــــــن

  • Butterfly on November 3rd, 2007

    عزيزتي نسايم ليل

    أقلام كثيرة بدأت خربشاتها من المنتديات وباسماء مستعارة كما ذكرتِ لينتهي بها المطاف لأن تصبح أقلام معروفة وتتحول خربشاتها الى أعمال ادبية ومؤلفات تم طباعتها وترجمتها

    شكرا لمرورك وسيسعدنى بالطبع ان تكرري زياراتك ومشاركاتك معنا. تحياتي

Leave a Reply

Name

Email

Website

*