لحظة غامر فيها الأمل
حينما جمعني القدر بـ “أ” قبل اربع سنوات وجدت نفسي أقف امام شخصية مختلفة يصعب تحليلها أو سبر أغوارها. اللقاء الأول معها لم يكن لقاءا سارا إذ انني قد أنجرفت في الحديث مع زميلتها الأوروبية وتجاهلت وجودها دون قصد مني. كانت “أ” تتوارى خلف حاجز من الجدية وملابس يغلب عليها الطابع الرجالي مما أوحى لى بأن تلك الفتاة الاوروبية هي رئيستها في العمل.
بعد بضعة أيام أكتشفت بأن “أ” هي رئيسة الفريق بل أنها صارحتني بانزعاجها مني في ذلك الموقف، ضحكنا كثيرا وتوطدت علاقتنا أكثر من السابق الا أن العلاقة بقت محصورة في أطار العمل حتى ذلك اليوم الذي زرتها فيه في مكتبها .. كان المكتب صغيرا .. ألوانه “دافئة وتنتشر في زواياه بعض الاكسسوارات واللمسات الأنثوية الرقيقة. استغليت فرصة غيابها للحظات لاتأمل الصور المثبته على الحائط.. مجموعة من زملاء العمل.. أفراد أسرتها ووجوه لأطياف مختلفة ولكنها تبدو منسجمة وسعيدة كما بدت لي هي تماما .. المرأة الناجحة المرحة التي لا يكدر صفوها شئ فأبتسامة “أ” كانت حاضرة في كل الأوقات وتواضعها وروح الدعابة لديها تجذب البعيد لها قبل القريب.
أنهينا الحديث في الجانب الذي يخص العمل ثم بدأنا التطرق لبعض الامور الفلسفية العامة التي تتعلق بالحياة والناس الى ان بدأت ملامح “أ” تتغير شيئا فشيئا لأرى صورة أخرى غير تلك التى كنت اراها في أجتماعات العمل وفي الصور المثبته على الحائط .. فخلف كل تلك القوة تنزوي أمرأة هشة تصارع مرض عضال .. وطفولة قضتها بين الدراسة في المدرسة التابعة للكنيسة الأنجيلية وبين تنظيف فصول المدرسة بعد أنقضاء اليوم الدراسي لتؤمن مصاريف دراستها.. أحداث كثيرة وفصول متعبة من الحياة تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا ولكن “أ” تجاوزتها بقوة ، ما كان يكدر صفوها فقط انها تحن لأن تصبح أما ولكن وضعها الصحي يضعها امام خيارين كلاهما أصعب من الآخر فأما الطفل أو حياتها ورغم أنحيازها لحياة الطفل الا ان الجميع أبدى استياءه من تفكيرها الذي وصف بالجنون.
شهور عدة مرت بعدها كنت أرى فيها “أ” أشبه بالدمية التي تفتقد الى الحياة .. هزيلة .. حليقة الرأس يتقدم صوتها الضعيف نظرة فقدت بريقها ولكنني لم اشعر ابدا بالشفقة نحوها بل على العكس كنت أغبطها على هذه القوة وأتمنى في قرارة نفسي ان أكون بمثل بأسها وقوتها.
وفي الفترة التي خيمت فيها مشاعر الموت على حياتي كانت “أ” تضع مولودها الأول فلقد غامرت بما قيل لها بأنه المتبقي من الحياة وبما تملكه من الأمل الذي لم يخذلها بل منحها الكثير جزاء تمسكها به. يومها أدركت ان لظهور “أ” مغزى لم أتنبه اليه فقد أثبتت لي من خلال تجربتها بأنه لا شئ يمكن ان يقف في طريق الحياة وأن الأمل يمكن له ان يحيّي ويميت أو ينمو ليصبح أمل أكبر هو ذلك الذي تحتضنه كل مساء عند عودتها من العمل.
تحية محبه لهذه المرأه العظيمه.. تحيه أخرى لك لكتابة قصتها المؤثره..يمتلكني شعور بالقوه استمده من موضوعك .. لا أريد الدخول بالتفاصيل ولكنك بنشره أضفتي لي سببا آخر للعطاء
احترامي
Diva
هو الاحساس ذاته الذي غمرني حينما تعرفت عليها عن كثب ولا ابالغ ان قلت ان اسلوب حياتها وتفكيرها جعلني أغير نظرتي للكثير من الأمور. هناك اناس حقيقيون يثرون حياتك بتجاربهم وافكارهم و”أ” واحدة من هؤلاء الناس الذين يصعب مصادفتهم
That’s Amazing…
You know! I just love it when people talk about what inspired them in life…
it just open other peoples eyes… and help them appreciate things and people more!!!
I love the video… Thanks
لا حياة مع اليأس و لا يأس مع الحياة
life
Thank you!
فرفر
ولا يأس مع الأمل. شكرا على توقفك وعلى اضافتك لمدونتي في قائمة المدونات التي تزورها /تكتشفها
فراشة
لقد اكتشفت مدونتك بالصدفة لقد وجدت الرابط في مدونة فسيفساء هي أيضا موجودة في في قائمة
المدونات التي أـزورها /أكتشفها
أجد مدونتك غنية المحتوي و جديرة بالمتابعة ، أنا مغرم خاصة بالمدونات المكتوبة بالعربية و مدونتك تسمح لي بالاكتشاف نمط عيش و حياة اجتماعية اخري
اشكر لك كتاباتك وأدعوك لزيارة مدونتي
ALWAYS ” where there is a will there is a way ” =)
فرفر
شكرا على الدعوة، لقد زرت مدونتك قبل ذلك أكثر من مرة لكن المشكلة انني لا أجيد اللغة الفرنسية لأستطيع قراءة معظم الموضوعات التي تطرحها 🙁
أتمنى ان تقوم بأعتماد اللغة العربية بشكل أكبر حتى أتمكن من الاطلاع على ما تكتبه
Sweeety
You are definitely right and thanks for stopping by.
فراشة
شكرا يسعدني أن تزور مدونتي.. إنني أحاول حين تحين الفرصة أن أكتب بلغتي الأم لغتي العربية، لكن هدا السطر كلفني لكتابته عشر دقائق أو أكثر.. لكنني لا أتحسن إلا بالكتابة، و هدا ما أحاول فعله
تحياتي
شكراً لتعليقك على موقعي و شكراً لمشاركتك معنا معنى الأمل الحقيقي. فإنك محظوظة لمعرفتك بتلك الإمرأة العظيمة المكافحة للحياة, و التي تتخذ من الأمل سلاحاً ضد كل شيء يقف في طريقها نحو السعادة.
هشام
عفوا 🙂 هي قصة “أ” ثم سطورك الاخيرة حول موضوع الأمل ما ألهمني بسرد قصتها والتأمل في تفاصيل ومعان لم أفكر فيها من قبل
وبالمناسبة، كتاباتك جدا متميزة وفيها من العمق ما يستوقفني في معظم الأحيان للتفكير أو لكتابة بعض السطور كهذه المرة. أنصحك بالتفكير جديا في نشرها بشكل أكثر احترافية
[…] السطور رغم علمي أنك لن تستطيعي قراءتها يوما كما قرأتي سابقتها.. قد تدركين أو لا تدركين الأثر التي تركته في قلوبنا […]