للرجال فقط
قبل عدة ايام وفي أحد المجمعات التجارية أستوقفتني فتاة لم تكن ملامحها غريبة عني .. لوهلة شككت ان تكون زميلة لي في العمل ولكن كان هناك فارق كبير في المظهر بين هذة وتلك، فزميلتي منذ ان عرفتها وهي محجبة ولم أرها يوما بملابس قصيرة او ضيقة كما انها لا تضع اى من مساحيق التجميل على وجهها.
حينما مدت يدها لتسلم على تيقنت ان ظني كان في محله وبأنها هي ذاتها زميلتي التي أعرف. سألتها عن السبب في التحول الكبير في المظهر لتفاجئني بأنها لم تكن يوما محجبة وانها ترتدى الحجاب فقط اثناء دوام العمل الرسمي اما عدا ذلك فهذه هي طريقة لبسها! لماذا هذة الازدواجية؟ أليس الرجال في كل مكان هم نفس الرجال؟
أجابت: نعم مع اختلاف بسيط، انني اتعامل مع هؤلاء الرجال ثمان ساعات متواصلة اثناء الدوام اما خارجه وايا كان مكاني فأنا خارج هذه الدائرة المغلقة من المراقبة اليومية .. من النظرات المزعجة التي تلاحقني. أرتدى الحجاب اثناء الدوام لان الرجال عادة ما يكونون أكثر جرأة في الحديث مع غير المحجبات، لان هذا الغطاء الذي اضعه على رأسى يضع حدا فاصلا بيني وبين بعض من لا يحترمون المراة ولايحسنون التعامل معها الا حينما تكون محجبة، بعضهم أحتراما وبعضهم خشية من رد فعل الفتيات المحجبات فالسفور لدى بعض الرجال بمثابة جواز مرور او عدم ممانعة من المرأة لسماع كافة انواع الغزل والاطراء او حتى القاء بعض الكلمات والعبارات الخارجة التي لا يجدر التلفظ بها أمام امرأة.
في مناسبة أخرى وأثناء غداء جمعني ببعض زميلات العمل تحول إلى جلسة غيبة ونميمة فيما بعد شكت أحداهن وهي سيدة مطلقة من المعاملة المختلفة التي بدأت تلمسها من بعض الموظفين بعد ان تم طلاقها ومحاولة احدهم بشكل خاص التقرب منها على الرغم من انه رجل متزوج ويدعى التدين. المهم انه بعد ألحاح شديد من الموظفات اللاتي اكتنفهن الفضول تطوعت الزميلة بذكر اسم الموظف ليضج المكان بالضحك والسبب ان المحاولة ذاتها قام بها الموظف نفسه مع معظم الموجودات ولكنه بدا حذرا جدا في اختيار فريسته، فهي اما مطلقة او غير متزوجة اذ يبدو ان وجود الزوج يشكل رادع لبعض النفوس المريضة التي يحركها الخوف لا الضمير.
هناك نظرة نمطية للمرأة في ذهن بعض الرجال الشرقيين يبدو انها لن تتغير مهما تغير العصر ومهما بلغوا من العلم والثقافة .. فالمرأة المحجبة تستحق الاحترام والوقوف اجلالا واكبارا لها في حين تختلف المعاملة للمرأة الغير محجبة رغم انه في حالات كثيرة ولا أعمم هنا يمكن ان تكون الغير محجبة أكثر التزاما وتدينا من المحجبة التي قد تكتفى بوضع غطاء للرأس وتقوم عدا ذلك بكل ما يمكن ان يناقض لباسها.
المرأة المطلقة او الغير متزوجة تبدو فريسة سهلة أكثر من غيرها وهناك من الرجال من يعتقد ان هؤلاء النساء يمكن ان يكن طوع بنانه باشارة واحدة منه.
اما الفرضية الثالثة التي أعتقد بأن الافلام السينمائية الهوليودية قد روجت لها فهي بأن المرأة الغربية تفتقر الى الالتزام والقيم الاخلاقية وبأنها على استعداد للحديث مع الغرباء ومواعدتهم منذ اللقاء الأول في البارات والمطاعم او اى مكان آخر، لذلك لا يجد العديد من الرجال الشرقيين حرجا في التحرش بهؤلاء النساء ومحاولة التقرب منهن بطريقة سمجة تفتقر الى ابسط قواعد الذوق واللياقة. وحتى حينما يكن هؤلاء الاجنبيات بصحبة ازواجهن خاصة حينما يكون الزوج عربيا فأنهن لا يسلمن من التحرش لان الاحتمال الغالب لدى هؤلاء الرجال ان يكون الرجل الآخر هو البوي فرند الذي لن يمانع ان تتعرف صديقته على رجال آخرين.
مثل هذه الحوادث ستتكرر طالما ستبقى النظرة النمطية مسيطرة على عقول بعض الرجال ممن لا يرون في المرأة سوى فرصة سانحة عليهم اقتناصها.