Archive for the ‘رؤى’ Category

من وحي رواية حوام

Posted on 2008 09, 12 by Suad

رغم اختلاف الاراء الذي وصل الى حد الصدام بين قراء المدونة حول رأيي في شخصية “مريم” في رواية (حوام)  ورؤية المؤلف لموضوع الحب والخيانة، الا ان هذه الآراء والتعليقات جعلتني استحضر بعض القصص والمواقف وأعيد التفكير في بعض المفاهيم الدارجة حول الحب والسعادة والادب والابداع.


قبل عدة شهور كنت في مقر أحد الجمعيات السياسية لحضور حفل تدشين كتاب لمؤلفة بحرينية واذكر انني يومها وصلت مبكرة فجلست في ركن قصي في أحد الصفوف الخلفية. ثم انضمت الى سيدة كانت تجلس على مقربة من الصف الذي كنت اجلس فيه فتبادلنا اطراف الحديث، وعندما امتلأت القاعة بالحضور مالت برأسها نحوي وهمست في اذني قائلة: هل ترين ذلك الرجل الجالس في المقعد الامامي مع زوجته فأومأت بالايجاب فتابعت قائلة: حينما تفكرين بالزواج تزوجي برجل مثله. سألتها: لماذا؟ هل تعرفينه؟ وما الذي يجعل منه رجلا مميزا في نظرك؟ فردت: “لا أعرفه شخصيا ولاأعرف حتى زوجته ولكني اراهما منذ عدة سنوات في كل مناسبة ثقافية احضرها .. يتقاسمان الميول والهوايات ذاتها.. اشعر بأنهما زوجان سعيدان ومتفاهمان. بالنسبة لي فأن زوجي لايولي اية أهمية للقراءة او الثقافة بشكل عام ولذلك اضطر لحضور هذه الفعاليات بمفردي ولاأخفيك سرا ان اختلافنا هذا يسبب لي الضيق ويجعلني أغبط هؤلاء النساء اللاتي يحضرن متأبطات ذراع ازواجهن”.


ما استنبطته من حديثي معها أن الوصفة المثالية في نظرها للزواج الناجح يعتمد على وجود توافق فكري وثقافي بين الزوجين. ولاأعرف لماذا تذكرت حينها أستاذة التسويق في الجامعة فرغم انها حاصلة على الدكتوراة الا انها تذكر بفخر لكل من يقابلها بان زوجها يشغل وظيفة “كهربائي” وبأنهما يعيشان في سعادة رغم مضى أكثر من ربع قرن على زواجهما. واذكر انها قالت لنا حينما سألناها باندهاش عن الفارق الفكري الذي يفصل بينها وبين زوجها بأن امور كثيرة غير نيل الشهادات والترقي في العمل قابلة للتغيير والتأثير في حياة الانسان .. امور قد تحوله إلى انسان آخر غير ذاك الذي كنا نعرفه، وبأنه لاعلاقة بين التسويق وبين الكهرباء في حالتها الا اللهم شرارة الحب التي ربطت بينها وبينه والتي يحرص كلاهما على ابقاءها مشتعلة وبأنه ما من وصفة سحرية او مقادير متكاملة لضمان الاستقرار في الحياة الزوجية لانها على حد قولها ليست جهاز منزلي يصلنا جاهزا بضمان مختوم.


في الحوار الذي اقتبسته من رواية “حوام” في موضوعي السابق يستشهد المؤلف بالحمام كمثال على التوزيع الخاطئ ويلمح إلى ان غياب الحب والانسجام يؤديان الى فشل الحياة الزوجية والى الوقوع في براثن الخيانة. الحب والانجذاب في معظم الروايات هما المعيار الاساسي لتحقيق الاستقرار والسعادة اما في عرف المجتمع فان المقياس هو التكافؤ .. التكافؤ الثقافي والاجتماعي والتقارب في السن وفي العقيدة .. هذا ما يردده الروائيون برؤيتهم المفرطة في الرومانسية والمجتمع بمفاهيمه وقيمه المتوارثة رغم ان الواقع أثبت ان علاقات وزيجات كثيرة انهارت رغم استيفاءها لجميع هذه المعايير.


هناك فكرة نمطية أخرى تتعلق بالادب والفن مفادها ان المعاناة والحرمان هما المحفزان الرئيسيان للإبداع حتى لو كان المؤلف او الفنان قابع في منزله بين اربعة جدران. واذا كان هذا هو المعيار لصنع ادب عظيم فما الذي يبرر فشل معظم روائينا العرب في الوصول الى عقل وقلب القارئ العربي رغم ان الكثير منهم عانى ماعانى في حياته من ظلم وفقر وحرمان؟


سؤال راودني حينما كنت اقرأ رواية “كافكا على الشاطئ” لمؤلفها الياباني هاروكي موراكامي والتي شدني فيها الثراء الثقافي والمخيلة الخصبة التي يمتلكها المؤلف في السرد وفي جذب القارئ لشخصياته. لم أستطع كعادتي ان استرسل سريعا في القراءة وان اطوي الصفحة تلو الأخرى اذ كان على ان ألتقط انفاسي بين الفصل والآخر لأستوعب كم كبير من التفاصيل المتعلقة بالسياسة والأدب والموسيقى والاساطير القديمة التي أفرد لها الكاتب هوامش موجزة في نهاية كل فصل لشرحها.


قد يتساءل البعض ماهو وجه المقارنة هنا بين الحب والادب .. بين التناغم والابداع؟


ربما على ان اعترف انني لم أعد اؤمن بمعايير ومفاهيم نمطية كثيرة تسيطر على حياتنا وتفكيرنا وتجعلنا نحكم بالفشل أوالنجاح على قضايا حيوية وهامة من منظور ضيق اذ لايمكن ان نخضع المشاعر والعلاقات الانسانية أو الأدب أوالفن لأي منطق او معايير فهو لم يكن وليدها من الاساس وفي ذلك يقول اندريه بروتون، احد اعلام النظرية السريالية “ان الفن هو من اللاشعور وان تدخل العقل يفسد الفن وبأنه لاوجود للقواعد والامثلة والاستشهاد بالتجارب السابقة ليست سوى أجابات كسولة واستئنافات لقواعد تافهة تحاول عبثا اثبات وجودها”. وعن تعريف الحب يقول “هو ان تلتقي بشخص يجعلك تتعرف على شئ جديد عن نفسك لم تكن تعرفه من قبل”.


العلاقات الناجحة كالأدب الناجح لايصنعها الحزن ولا الحرمان بل التجارب والاختلاط بالآخر والتعرف على نمط تفكيره وثقافته. وعلى هذا الاساس لايمكن للأدب العربي ان ينهض مادامت قصصه وتجاربه لازالت تدور في فلك مجتمعاته وتحوم بين جدرانه ولاتنطلق الى ماوراء حدوده واسواره، إذا ما ظل حبيس قضاياه وتابوهاته التي ستلفظها الذاكرة ويطويها التاريخ حالما يتحرر المجتمع من قيوده واغلاله.

Share

الصورة الثالثة من الإعلان

Posted on 2008 06, 13 by Suad

 

هل رأيتم إعلان غبي وسخيف أكثر من هذا؟

 

حسب رؤية مصمم الاعلان الفذ فإن المرأة أشبه بقطعة حلوى والرجل بالذبابة .. ياله من تشبيه بليغ! اما التعبير الأشد بلاغة فهي اللغة المتدنية والساذجة المستخدمة في الإعلان والطريقة التي يتعامل فيها مع عقولنا ومع الدين ومع قضية الحجاب.

 

لن أدافع عن حقوق المرأة وبالذات في بلادنا العربية فهي منتهكة منذ زمن بعيد ولكن لو كنت رجلا لرفعت قضية على مصمم الاعلان أتهمه فيها بإنتهاك حقوق الرجال بهذا الإعلان المهين الذي ساوى بينهم وبين حشرات قذرة كالذباب. 

 

الصورة الثالثة من الإعلان يمكنكم تخيلها مع هذا التعديل الطفيف على صيغة الإعلان: “مش حتقدري تمنعيهم لكن تقدري تحمي نفسك بس مش بغلاف ورق ولا بقطعة قماش بل بمبيد حشري أسمه الاخلاق!”.

Share

« Older EntriesNewer Entries »